أبي

لـ نزار قباني، ، في غير مُحدد

أبي - نزار قباني

أماتَ أبوكَ ؟
 
ضلالٌ . أنا لا يموتُ أبي
 
ففي البيتِ منهُ
 
روائحُ ربٍّ .. وذِكرى نبي
 
هُنا ركنُهُ .. تلكَ أشياؤهُ
 
تَفَتَّقُ عن ألفِ غُصنٍ صبي
 
جريدتُهُ . تَبغُهُ . مُتَّكاهُ
 
كأنَّ أبي بعدُ لم يذهَبِ ..
 
 
 
*
 
 
 
وصحنُ الرّمادِ ... وفنجانُهُ
 
على حالهِ .. بعدُ لم يُشرَبِ
 
 
 
ونظّارتاهُ ... أيسلو الزجاجُ
 
عيوناً أشفَّ منَ المغربِ
 
 
 
بقاياهُ، في الحُجُراتِ الفِساحِ
 
بقايا النسورِ على الملعبِ
 
 
 
أجولُ الزوايا عليه ، فحيثُ
 
أمُرُّ .. أمُرُّ على مُعْشِبِ
 
 
 
أشدُّ يديهِ .. أميلُ عليهِ
 
أصلّي على صدرهِ المُتعَبِ
 
 
 
أبي ... لم يزلْ بينَنا ، والحديث
 
حديثُ الكؤوسِ على المَشرَبِ
 
 
 
يسامرُنا . فالدوالي الحُبالى
 
تَوالَدُ مِن ثغرِهِ الطيّبِ ..
 
 
 
أبي خَبَراً كانَ من جنّةٍ
 
ومعنى من الأرحبِ الأرحبِ ..
 
 
 
وَعَيْنا أبي .. ملجأٌ للنجومِ
 
فهلْ يذكرُ الشرقُ عينَيْ أبي ؟
 
 
 
بذاكرةِ الصّيفِ من والدي
 
كرومٌ ، وذاكرةُ الكوكبِ ..
 
 
 
*
 
 
 
أبي يا أبي .. إنَّ تاريخَ طيبٍ
 
وراءكَ يمشي ، فلا تتعبِ ..
 
 
 
على اسمكِ نمضي ، فمن طيّبٍ
 
شهيِّ المجاني ، إلى أطيَبِ
 
 
 
حملتُكَ في صحوِ عينيَّ .. حتّى
 
تهيّأَ للناسِ أنّي أبي ..
 
 
 
أشيلُكَ حتّى بنبرةِ صوتي
 
فكيفَ ذهبتَ .. ولا زلتَ بي؟
 
 
 
*
 
 
 
إذا فُلَّةُ الدارِ أعطتْ لَدَينا
 
ففي البيتِ ألفُ فمٍ مُذهَبِ
 
 
 
فَتَحْنا لتَمّوزَ أبوابَنا
 
ففي الصيفِ لا بُدَّ يأتي أبي ..
© 2024 - موقع الشعر