المرأة و جسدها الموسوعي - نزار قباني

ليسَ صحيحاً أن جسَدَكِ..
 
لا علاقة له بالشعر..
 
أو بالنثر, أو بالمسرح, أو بالفنون التشكيلية..
 
أو بالتأليف السمفوني..
 
فالذين يطلقون هذه الإشاعة, هم ذكور القبيلة..
 
الذين احتكروا كتابة التاريخ..
 
و كتابة أسمائهم في لوائح المبشرين بدخول الجنة..
 
و مارسوا الإقطاع الزراعي, و السياسي, و الاقتصادي,
 
و الثقافي و النسائي..
 
و حددوا مساحة غرف نومهم..
 
و مقاييس فراشهم..
 
و توقيت شهواتهم..
 
و علقوا فوق رؤوسهم
 
آخر صورة زيتية للمأسوف على فحولته..
 
أبي زيد الهلالي!!..
 
 
 
ليس صحيحاً..
 
أن جسد المرأة لا يؤسس شيئاً.
 
و لا ينتج شيئاً..ولا يبدع شيئاً..
 
فالوردة هي أنثى ..و السنبلة هي أنثى..
 
و الفراشة و الأغنية و النحلة.
 
و القصيدة هي أنثى.
 
أما الرجل فهو الذي اخترع الحروب و الأسلحة.
 
و اخترع مهنة الخيانة..
 
و زواج المتعة..
 
و حزام العفة..
 
و هو الذي اخترع ورقة الطلاق..
 
 
 
ليس صحيحاً أن جسدك ساذج.. و نصف أمي..
 
و لا يعرف شمال الرجولة.. من جنوبها..
 
و لا يفرق بين رائحة الرجل في شهر تموز..
 
و رائحة البهارات الهندية..
 
 
 
ليس صحيحاً أن جسدك قليل التجربة..
 
و قليل الثقافة..
 
و أن العصافير تأكل عشاءك..
 
فجسدك ذكي جداً..
 
و متطلب جداً..
 
و مبرمج لقراءة المجهول..
 
و مواجهة القرن الواحد و العشرين!!.
 
 
 
ليس صحيحاً..
 
أن جسدك لم يكمل دراسته العالية..
 
و أنه لا يعرف شيئاً من فقه الحب..
 
و أبجدية الصبابة..
 
و لا عن العيون و أخواتها..
 
و الشفاه..و أخواتها..
 
و القبلة .. و أخواتها..
 
 
 
لجسد المرأة قرون استشعارية..
 
تسمح لها أن تلتقط كلمات الحب
 
بكل لغات العالم..
 
و تحفظها على شريط تسجيل..
 
 
 
ليس هناك امرأة لا تحفظ عن ظهر قلب ..
 
أسماء الرجال الذين أحبوها ..
 
و عدد رسائل الحب التي استلمتها..
 
و ألوان الأزهار التي أهديت لها..
 
 
 
ليس هناك امرأة ليس بداخلها بوصلة..
 
تدلها على مرافئ الحب..
 
و على الشواطئ التي تتكاثر فيها الأسماك.
 
و تتزوج فيها العصافير..
 
و على الطرق الموصلة إلى جنوب إسبانيا
 
حيث يتصارع الرجال و الثيران..
 
للموت تحت أقدام امرأة جميلة..
 
 
 
جسد المرأة ناي
 
لم يتوقف عن العزف منذ ملايين السنين.
 
ناي لا يعرف النوطة الموسيقية..
 
و لا يقرأ مفاتيحها..
 
ناي لا يحتاج إلى من يدوزنه..
 
لأنه يدوزن نفسه..
 
 
 
جسد المرأة يعمل بوقوده الذاتي
 
و يفرز الحب..
 
كما تفرز الشرنقة حريرها..
 
و الثدي حليبه..
 
و البحر زرقته..
 
و الغيمة مطرها..
 
و الأهداب سوادها..
 
 
 
جسد هذه المرأة ..مروحة..
 
و جسد تلك ..صيف إفريقي..
 
 
 
الحب في جسدك..
 
قديم و أزلي..
 
كما الملح جزء من جسد البحر..
 
 
 
ليس صحيحاً..
 
أن جسد المرأة يتلعثم عندما يرى رجلا.
 
انه يلتزم الصمت..
 
ليكون أكثر فصاحة!!..
 
 
 
ليس هناك جسد أنثوي لا يتكلم بطلاقة..
 
بل هناك رجل
 
يجهل أصول الكلام...
 
 
 
لا بد في الجنس من الخروج على النص..
 
و إلا تحولت أجساد النساء
 
إلى جرائد شعبية..
 
عناوينها متشابهة.
 
صفحاتها مكررة!!.
© 2024 - موقع الشعر