مأساة الحياة - نازك الملائكة

عبثًا تَحْلُمينَ شاعرتي ما
من صباحٍ لليلِ هذا الوجود
عبثًا تسألين لن يُكْشف السرُّ
ولن تَنْعمي بفكِّ القيودِ
**** ****
في ظلال الصَّفْصافِ قَضَّيتِ ساعا
تِكِ حَيْرى تُمضُّك الأسرارُ
تسألين الظلالَ والظلُّ لا يع
لَمُ شيئًا وتعلمُ الأقدارُ
**** ****
أبدًا تنظرين للأُفق المج
هول حيرى فهل تجلّى الخفيُّ?
أبدًا تسألين والقَدَرُ السا
خرُ صمتٌ مُسْتغلِقٌ أبديُّ
فيمَ لا تيأسينَ? ما أدركَ الأس
رارَ قلبٌ من قبلُ كي تدركيها
أسفًا يا فتاةُ لن تفهمي الأي
امَ فلتقنعي بأن تجهليها
اُتركي الزورق الكليل تسيِّرْ
هُ أكفُّ الأقدارِ كيف تشاءُ
ما الذي نلتِ من مصارعة المو
جِ? وهل نامَ عن مناكِ الشقاءُ?
آهِ يا من ضاعتْ حياتك في الأح
لامِ ماذا جَنَيْتِ غير الملالِ?
لم يَزَلْ سرُّها دفينا فيا ضي
عةَ عُمْرٍ قضَّيتِهِ في السؤالِ
**** ****
هُوَ سرُّ الحياة دقَّ على الأف
هامِ حتى ضاقت به الحكماءُ
فايأسي يا فتاةُ ما فُهمتْ من
قبلُ أسرارُها ففيم الرجاءُ?
**** ****
جاء من قبلِ أن تجيئي إلى الدُّنْ
يا ملايينُ ثم زالوا وبادوا
ليتَ شعري ماذا جَنَوْا من ليالي
همْ? وأينَ الأفراحُ والأعيادُ?
ليس منهم إلاَّ قبورٌ حزينا
تٌ أقيمت على ضفاف الحياةِ
رحلوا عن حِمَى الوجودِ ولاذوا
في سكونٍ بعالم الأمواتِ
**** ****
كم أطافَ الليلُ الكئيب على الجو
وكم أذعنت له الأكوانُ
شهد الليلُ أنّه مثلما كا
نَ فأينَ الذينَ بالأمس كانوا?
**** ****
كيف يا دهرُ تنطفي بين كفَّي
كَ الأماني وتخمد الأحلامُ?
كيف تَذْوي القلوبُ وهي ضياءٌ
ويعيشُ الظلامُ وهْو ظلامُ
© 2024 - موقع الشعر