راحَت فَصَحَّ بِها السَقيم - ابن زيدون

راحَت فَصَحَّ بِها السَقيم
ريحٌ مُعَطَّرَةُ النَسيم

مَقبولَةٌ هَبَّت قَبولاً
فَهيَ تَعبَقُ في الشَميم

أَفَضيضُ مِسكٍ أَم بَلَنسِيَةٌ
لِرَيّاها نَميم

بَلَدٌ حَبيبٌ أُفقُهُ
لِفَتىً يَحُلُّ بِهِ كَريم

أَيها أَبا عَبدِ الإِلَهِ
دُعاءُ مَغلوبِ العَريم

إِن عيلَ صَبري مِن فِراقِكَ
فَالعَذابُ بِهِ أَليم

أَو أَتبَعَتكَ حَنينَها
نَفسي فَأَنتَ لَها قَسيم

ذِكرى لِعَهدِكَ كَالسُهادِ
سَرى فَبَرَّحَ بِالسَليم

مَهما ذَمَمتُ فَما زَماني
في ذِمامِكَ بِالذَميم

زَمَنٌ كَمَألوفِ الرَضاعِ
يَشوقُ ذِكراهُ الفَطيم

أَيّامَ أَعقِدُ ناظِرَيَّ
بِذَلِكَ المَرأى الوَسيم

فَأَرى الفُتُوَّةَ غَضَّةً
في ثَوبِ أَوّاهٍ حَليم

أَللَهُ يَعلَمُ أَنَّ حُبَّ
كَ مِن فُؤادي بِالصَميم

وَلَئِن تَحَمَّلَ عَنكَ لي
جِسمٌ فَعَن قَلبٍ مُقيم

قُل لي بِأَيِّ خِلالِ سَروِكَ
قَبلُ أُفتَنُ أَو أَهيم

أَبِمَجدِكَ العَمَمِ الَّذي
نَسَقَ الحَديثَ مَعَ القَديم

أَم ظَرفِكَ الحُلوِ الجَنى
أَم عِرضِكَ الصافي الأَديم

أَم بِرِّكِ العَذبِ الجَمامِ
وَبِشرِكَ الغَضِّ الجَميم

أَم بِالبَدائِعِ كَاللَآلِئِ
مِن نَثيرٍ أَو نَظيم

وَبَلاغَةٍ إِن عُدَّ أَهلوها
فَأَنتَ لَهُم زَعيم

فِقَرٌ تَسوغُ بِها المُدامُ
إِذا تَكَرَّرَها النَديم

إِن أَشمَسَت تِلكَ الطَلاقَةُ
فَالنَدى مِنها مُقيم

إِنَّ الَّذي قَسَمَ الحُظوظَ
حَباكَ بِالخُلُقِ العَظيم

لا أَستَزيدُ اللَهَ نُعمى
فيكَ لا بَل أَستَديم

فَلَقَد أَقَرَّ العَينَ أَنَّكَ
غُرَّةُ الزَمَنِ البَهيم

حَسبي الثَناءُ لِحُسنِ بِرِّ
كَ ما بَدا بَرقٌ فَشيم

ثُمَّ الدُعاءُ بِأَن تَهَنَّأَ
طولَ عَيشِكَ فو نَعيم

ثُمَّ السَلامُ تُبَلَّغَنهُ
فَغَيبُ مُهديهِ سَليم

© 2024 - موقع الشعر