خارج الموت - محمد الفيتوري

كالفجر تولد، مغسول الضياء نقي
لا تدخل الموت، في أرض، ولا أفق
ولا تغيب عن جيل، وإن بعدت
بك السنين، وطالت رحلة الغسق
وبعض قدرك فينا..
أن مجدك في الأرواح ينبت، والساحات والطرق
وأن صوتك كان العصر..
ممتزجا بالعظم.. والفرح الطيني..
والأرق
يا أمة- لم تكن فردا.. ولا جسدا-
إذا ارتوى الفرد، من طغيانه، وسقي
ولدت في وطنين: الدمع والعرق
وعشت في وطنين: القلب والحدق
***
كالفجر.. كالمطر الآتي من الزمن..
كالسيف في النار، لم تضعف، ولم تلن
عصفت باليأس.. كان اليأس عاصفة
فوق المدينة، ذات المرقد الخشن
لابد من نجمة، في الليل، تائهة
كم نجمة، في جبين الليل، لم تكن
أكل ميراث هذا الجيل، ضاع سدى.
يا يأس.. أنت غريب الوجه، عن وطني.
ويا فجيعة.. روح الأرض واحدة
فليس ثمة من روحين، في بدن
وإن يخن خائن.. أو ينتكس علم..
فالشعب لم ينس قتلاه.. ولم يخن
أأمة أعطت الدنيا حضارتها..
يوما.. وكانت كتاب المجد حيث فني
تظل مطرقة موتا.. وفي يدها
إرادة إن تمس الموت يحتقن.
في القهر رائحة القضبان..
قلت لهم..
والعمر يقطر في قارورة الأبد
ثم أرتحلت..
ومن لم يمض مرتحلا..
لم يأت قط.
ومن لم يأت، لم يعد.
أكان يغمض عينيه عليك..
فلم تبصره مختبئا في الحقد والحسد
لقد رأيناه
إلا من خيانته عريان.
يرفل في أثوابه الجدد
رأته مصر..
فغطت وجهها بيد
كي لا تراه..
ومست رأسها بيد
لا تمض أكثر
لن تبقى الغداة..
وإن ظننت أنك باق في ضمير غد
وأعول الرمل في سيناء..
وارتعدت عينا فدائية مصرية الجسد
وكان يمشي..
وكان الدرب منزلقا
والعار يهطل أمطارا.. ولم يكد
***
-من أنت؟
قالت له القدس..
التي سمعت خطاه بين خطى الأعداء
تقترب
هذا التراب رجال
أحرقوا دمهم نصرا سجينا عليه..
قبلما ذهبوا
من أنت؟ في مشية الأبطال..
يا طللا يمشي، وفي دمه التاريخ ينتحب
من أنت؟
تنهار في كفك أعمدة من الجلال
ويبكي المجد والحسب
من أنت؟ يا أنت..
لا رب.. ولا قدر
ولا دمشق.. ولا مصر.. ولا العرب
مرغ جبينك أني شئت.
تنحسر المأساة يوما..
ويكسو الساحة الغضب
***
لا...
لا...
1980
© 2024 - موقع الشعر