لن أبكي

لـ فدوى طوقان، ، في غير مُحدد

لن أبكي - فدوى طوقان

إلى شعراء المقاومة في الأرض المحتله منذ عشرين عاما..هدية
لقاء في حيفا4-3-1968
على أبواب يافا يا أحبائي
وفي فوضي حطام الدور.
بين الردم والشوك
وقفت وقلت للعينين: يا عينين
قفا نبك
على أطلال من رحلوا وفاتوها
تنادي من بناها الدار
وتنعي من بناها الدار
وان القلب منسحقا
وقال القلب: ما فعلت
بك الأيام يا دار
وأين القاطنون هنا
وهل جاءتك بعد النأي، هل
جاءتك أخبار
هنا كانوا
هنا حلموا
هنا رسموا
مشاريع الغد الآتي
فأين الحلم والآتي وأين همو
وأين همو
ولم ينطق حطام الدار
ولم ينطق هناك سوى عيابهمو
وصمت الصمت، والهجران
............
وكان هناك جمع البوم والأشباح
غريب الوجه واليد واللسان وكان
يحوم في حواشيها
يمد أصوله فيها
وكان الآمر الناهي
وكان..وكان..
وغص القلب بالأحزان
أحبائي
مسحت عن الجفون ضبابة الدمع-
الرماديه
لألقاكم وفي عيني نور الحب والايمان
بكم، بالأرض، بالانسان
فواخجلي لو اني جئت القاكم-
وجفني راعش مبلول
وقلبي بائس مخذول
وها أنا يا أحبائي هنا معكم
لأقبس منكمو جمره
لآخذ مصابيح الدجى من-
زيتكم قطره
لمصباحي
وها أنا أحبائي
إلي يدكم أمد يدي
وعند رؤوسكم ألقي هنا رأسي
وأرفع جبهتي معكم إلى الشمس
وها أنتم كصخر جبالنا قوه
كزهر بلادنا الحلوه
فكيف الجرح يسحقني
وكيف اليأس يسحقني
وكيف أمامكم أبكي
يمينا، بعد هذا اليوم لن أبكي
أحبائي حصان الشعب جاوز-
كبوة الأمس
وهب الشهر منتفضا وراء النهر
أصيحوا، ها حصان الشعب-
يصهل واثق النهمه
ويفلت من حصار النحس والعتمه
ويعدو نحو مرفأه على الشمس
وتلك مواكب الفرسان ملتهمه
تباركه وتفديه
ومن ذوب العقيق ومن
دم المرجان تسقيه
ومن أشلائها علفا
وفير الفيض تعطيه
وتهتف بالحصان الحر: عدوا يا-
حصان الشعب
فأنت الرمز والبيرق
ونحن وراءك الفيلق
ولن يرتد فينا المد والغليان-
والغضب
ولن ينداح في الميدان
فوق جباهنا التعب
ولن نرتلح، لن نرتاح
حتى نطرد الأشباح
والغربان والظلمه
أحبائي مصابيح الدجى، يا اخوتي
في الجرح....
ويا سر الخميرة يا بذار القمح
يموت هنا ليعطينا
ويعطينا
ويعطينا
على طرقاتكم أمضي
وأزرع مثلكم قدمي في وطني
وفي أرضي
وأزرع مثلكم عيني
في درب السنى والشمس
من الشاعر محمود درويش
© 2024 - موقع الشعر