مرثاة إلى نمر - فدوى طوقان

وارتجفت مثلوجة أصابعي على
وريقة البريد

هم يكذبون
هم يكذبون

بل أنت تحلمين، تحلمين
إستيقظي، حلم ثقيل لا يطاق

وحدَّقت عيناي في الأشياء
وامتدت يدي

تلامس الخوان والكتاب والأوراق
إستيقظين حلمٌ ثقيل لا يطاق

وحدَّقت عيناي في وريقة البريد
من جديد

وأطبقت مثلوجة أصابعي على
وريقة البريد

يا نمر، لا يا نمر، لا يا نمر
يا نمر، يا حبيب أختك الكسيرة الجناح

يا نمر يا جرحاً جديداً غار في
قلبي المغشّي بالجراح

أهكذا بلا وداع يا حبيبنا ويا
أميرنا الجميل

لا قبلة على طراوة الخدين والجبين
لا نظرة أخيرة نحملها زاداً لنا

في وحشة الفراق،
يا نمر، يا حبيبنا ويا أميرنا لو أنّه

فراق أعوام حملنا ثقله
لكن فراق عمر

لكنه فراق عمر
وهمتُ في الدروب

غريبة في بلد غريب
احمل ثُكلاً لا تطيقه الجبال

أواه يا جنون هذه الحياة والأقدار
بغير حكمه يموت

بغير حكمه يموت
يا موت يا غشوم، يا غداّر

تخطفهم أحبتي وأخوتي
احبتي وأخوتي زهر الرياض

لؤلؤ المحار
أحبتي وأخوتي الشموس والأقمار

تخطفهم في عزّ عنفوانهم
في روعة انطلاقهم إلى القمم

يا موت يا مجنون يا أعمى العيون
يا أصم

يا قاصماً ظهري الضعيف لي لديك
ألف ثار، الف ثار

وأنت يا من قيل عنه إنه هناك
حان لطيف بالعباد

حان لطيف بالعباد؟ أين أنت؟
لا أراك

دعني أراك كي أقول إنه هناك
حزينة أنا، حزينة تفجري

يا نبعة الدموع
يا فرج المكروب يا سخيّة العطاء

تفجري من كهفك السحيق، كهف الحزن
والظلام والأسى الوجيع

يا نبعة بملح مائها
قد جُبلت أرض الشجا والوت والشقاء

إلى أمي
يا أمِّ عائد إليك إبنك الحبيب

تزفّه عرائس البحار في طراوة
الصباح

تزفّه مشغوفة بكنزها الثمين
لؤلؤة ما ضمَّ قلب البحر يوما

مثلها بين اللآل
لؤلؤ تعزُّ في الرجال

اعطيتها يوماً بلادي؛ كم وكم
أعطيت يا أمي بلادي من لآل

أراك من هناك تفتحين
للعائد الحبيب صدرك الرحيب

أرى محيا الضحوك مشرقاً
ببهجة اللقاء

وفرحة الحبيب بالحبيب
فلتغمي، أما الدموع والجراح

فهي لنا، خليّ لنا الدموع والجراح
وجهشة النديب:

وافجيعتاه!
اكسفورد

انكلترا
© 2024 - موقع الشعر