مع لاجئة في العيد - فدوى طوقان

أختاه، هذا العيد رفَّ سنه في روح الوجود
وأشاع في قلب الحياة بشاشة الفجر السعيد
وأراك ما بين الخيام قبعت تمثالا شقياً
متهالكاً، يطوي وراء جموده ألماً عتيّا
يرنوا إلى اللاشيء.. منسرحاً مع الأفق البعيد
أختاه، مالك إن نظرت إلى جموع العابرين
ولمحت أسراب الصبايا من بنات المترفين..
من كل راقصة الخطي كادت بنشوتها تطير
العيد يضحك في محيّاها ويلتمع السرور
أطرقت واجمة كأنك صورة الألم الدفين؟
أختاه، أيّ الذكريات طغت عليك بفيضها
وتدّفعت صوراً تثيرك في تلاحق نبضها
حتى طفا منها سحاب مظلم في مقلتيك
يهمي دموعاً أو مضت وترجرجت في وجنتيك
يا للدموع البيض! ماذا خلف رعشة ومضها؟
أترى ذكرت مباهج الأعياد في (يافا) الجميلة؟
أهفت بقلبك ذكريات العيد أيام الطفولة؟
إذ أنت كالحسون تنطلقين في زهوٍ غرير
والعقدة الحمراء قد رفّتْ على الرأس الصغير
والشعر مسندلٌ على الكتفين، محلول الجديلة؟
إذ أنت تنطلقين بين ملاعب البلد الحبيب
تراكضين مع اللّدات بموكب فرح طروب
طوراً إلى ارجوحة نُصبت هناك على الرمال
طوراً إلى ظل المغارس في كنوز البرتقال
والعيد يملأ جوّكن بروحه المرح اللعوب؟
واليوم؛ ماذا غير قصة بؤسكن وعارها؟
لا الدار دارٌ، لا، ولا كالأمس، هذا العيد عيدُ
هل يعرف الأعياد أو أفراحها روحٌ طريد
عان، تقلّبه الحياة على الجحيم قفارها؟
أختاه، هذا العيد عيد المترفين الهانئين
عيد الألي بقصورهم وبروجهم متنعمين
عيد الألي لا العار حرّكهم، ولا ذلّ المصير
فكأنهم جثث هناك بلا حياة أو شعور
أختهاه، لا تبكي، فهذا العيد عيد الميّتين!
© 2024 - موقع الشعر