بعد الكارثة - فدوى طوقان

يا وطني، مالك يخني على
روحك معنى الموت، معنى العدم

أمضك الجرح الذي خانه
أسأته في المأزق المحتدم

جرحك؛ ما أعمق أغواره
كم يتنزّى تحت ناب الألم

أين الألي استصرختهم ضارعاً
تحسبهم ذراك والمعتصم

ما بالهم قد حالهم من دونهم
ودون مأساتك حس أصم

قلبت فيهم طرف مستنجد
فعزّك المندفع المقتحم...

واخلجتا! حتّام أهواؤهم
تغرقهم في لجّها الملتطم!!

هم الأنانيون.. قد أغلقوا
قلوبهم دون البلاء الملم

لا روح يستنهض من عزمهم
لا نخوة تحفزهم، لا همم!

أحنوا رقاب الذل، ياضعفهم
واستسلموا للقادر المحتكم

يا هذه الاقدار لا ترحمي
فرائس الضعفن بقايا الرمم

بالمعول المحموم أهوي على
تلك الجذوع الناخرات الحطم

كون أتيّا عارماً واجرفي
كل ضعيف الروح، وأهي القدم

كوني كما شئت، لظىً يغتلي
من كل ركن خائرٍ.. منهدم

اكتسحيها وانفضي أمَّتي
ممَّا علاها من رماد القدم!

ستنجلي الغمرة يا موطني
ويمسح الفجر غواشي الظلم

والأمل الظامئ مهما ذوى
لسوف يُروى بلهيب ودم

فالجوهر الكامن في أمتي
ما يأتلي يحمل معنى الضرم

هو الشباب الحر، ذخر الحمى
اليقظ المستوفز المنتقم

غلّوا جناحيه وقالوا: انطلق
وشارف الأفق وجز بالقمم

واستنهضوه لاقتحام اللظى.. والقيد، يا للقيد، يدمي القدم
لكن للثأر غداً هبَّة

جارفة الهول، عصوفاً عمم
فالضربة الصماء قد ألهبت

في كل حرٍ جذوةً تضطرم
لن يقعد الأحرار عن ثأرهم

وفي دم الأحرار تغلي النقم!
© 2024 - موقع الشعر