في مصر

لـ فدوى طوقان، ، في غير مُحدد

في مصر - فدوى طوقان

يا مصر، حلم ساحر الألوان، رافق كل عمري
كم داعبت روحي رؤاه فرفّ روحي خلف صدري
حلم كظل الواحة الخضراء في صحراء قفر
أن أجتلى هذا الحمى.. واضمه قلباً وعين..
واليون، في حلم أنا، أم يقظة، أم ين بين!؟
صدحت بقلبي إذ وطئت تراك أنغام سواحر
فكأنما في قلبي المأخوذ غنّى ألف طائر
وغرقت في أمواج إحساس بعيد الغور فائر
أأنا هنا؟ في مصر، في الوادي النبيل؟!
أأنا هنا في النيل، في الأهرام، في ظل النخيل؟!
وتلفتت عيناي في دهش، وفي لهفٍ غريب..
ماذا؟ هنا الدنيا الخلوب تثير أهواء القلوب..
ماذا؟ هنا نار الحياة تؤج صارخة اللهيب..
في كل مجلي فتنة رقصت، وسحر مدّ ظله
ماذا؟ أمصر أم رؤى أسطورة من ألف ليلة!؟
كيف اتجهت تجاوبٌ وصدى لموسيقى الوجود
في النيل يعزف لحنه الأبدي للشط السعيد
في وشوشات النسمة المعطار، في النخيل الميود
حتى النجوم هنا أحسّ لهنّ الحاناً شجيه
حتى السحاب أخاله تحدوه موسيقى خفيه
يا مصر، فبي عطش إلى فرح الحياة.. إلى الصفاء..
يا مصر، نحن هناك أموات بمقبرة الشفاء
لا يطمئن بنا قرار.. لا يعانقنا رجاء..
لا شيء إلا ضحكة الهز المرير على المباسم!
كالضحكة الخرساء قد يبست على فك الجماجم!!
نفسي مصدّعة.. فضميني لأنسى فيك نفسي
قست الحياة وأترعت بمرارة الآلام كأسي
والظلمة السوداء مطبقة على روحي وحسي
فاحني عليّ وزوديني من مفاتنك الجميلة...
هي نهزة لم أدر كيف سخت بها الدنيا البخيلة!
يا ليتني يا مصر نجم في سمائك يخفق
يا ليتني في نيلك الأزلي موجٌ يدفق
يا ليتني لغزٌ، أبو الهول احتواه، مغلق..
تهوى وتنسحق الدهور مواكباً، وأنا هنا
بعض خفي من كيانك لست أدرك ما أنا!!
يا مصر حلم ساحر الألوان رافق كل عمري
كم داعبت روحي رؤاه، فرف روحي خلف صدري
حلم كظل الواحة الخضراء في صحراء قفر
أن أجتلى هذا الحمى وأضمّه قلباً وعيْن
واليوم في حلم أنا؟ أم يقظة؟ أم بين بين؟!
© 2024 - موقع الشعر