هي والبراويز القديمة.. وأنا (في وصف مصر) - شريفة السيد

في وصف مصر
هي والبراويز القديمة.. وأنا
--------------------------
هي الِّريحُ
ترشق نصل الليالي بقلبي
تفتِّتني في هواها حنينًا..
وفي غمرةٍ مِنْ نحيبي
تراءتْ مُكحَّلةً فاتنةْ
وسلَّمتِ الرُّوح بعض الأماني
فأسلم قلبي شراعًا
لتنحت في سقْفه المترامي.. شُخوصًا
معابدَ ، أزهار لوتس،
وحقلاً مِنْ القمح تنقصه السنبلات/ العيون
وخطوة فرخٍ صغيرٍ
وتنسج سجادةً يدويةْ
تخضِّب حنَّاؤها كفَّها البدويةْ
وتعلنُ عن بدء إشعالها
إذِ الجمرُ في راحتيْها نبيلُ..
وكُلُّ الوساوس في وقع أقدامها نغمٌ مستحيلُ..
هي الآن.. وشوشةٌ هدهداتٌ
وسبع سواقٍ ... ونيلُ....
***
وفي الليل
تَرْسمُ لوح الزجاج القديم
تلوِّنُ أجزاءه المجهَدات .. شطوطًا
وتُقلع في اليمِّ طوقَ نجاةْ
لتُبحِرَ.. لو خدعتْها مياهْ..
***
وفي الصُّبح
تسقي بشهد ابتساماتِها نخلَها
ثم تفتحُ شُباكها للطيور
وتفلتُ مِنْ فخِّ أعْضَائها
مُرفرفةً في المَراعي .. وهائمةً في دمي
فكلُ الأراضين ضيقةٌ لم تَسعْها
وشريان قلبي المدلَّلُ لو دخلته اتَّسعْ...!!
***
هي الآن
سيدةٌ في فؤادي
وسيدةٌ للبلاد
تُقَطِّرُ صحْوَ الصَّباح على جلدِ وجْهي
تُجمِّعُهُ مِنْ جديد
لأُصبحَ معزوفةً للنشيد..!!
***
ولكنَّها كل حِينَ تباغتُني باحتواءٍ
كشِصٍ يَغُزُّ الطُعومَ لفكَّيَّ
تفْجَؤني باحتواءٍ فريدْ
ففي مُقلتيْها براويز مقبرةٍ
وقرطٌ، ومومياء، سبعةُ آلافِ عامٍ
وأهرامُ
بعض الحرير المُرصَّعِ
كسرةُ خبزٍ
وجرَّةُ ماء....!!
--------------------
2 /نوفمبر/ 1994
شعر / شريفة السيد
من ديوان فراشات الصمت / المجلس الأعلى للثقافة / 1997 / مصر
مع أجمل وأرق الأمنيات
شريفة
© 2024 - موقع الشعر