مع المروج

لـ فدوى طوقان، ، في غير مُحدد

مع المروج - فدوى طوقان

هذي فتاتك يا مورج، فهل عرفت صدى خطاها
عادت إليك مع الربيع الحلو يا مثوى صباها
عادت إليك ولا رفيق على الدروب سوى رؤاها
كالأمس، كالغد، ثرّة الأشواق.. مشبوبًا هواها
هي يا مروج السفح مثلك، إنها بنت الجبال
"جزريم" رؤي قلبها وسقاه من خمر الخيال
درجت على السفح الخضير، على المنابع والظلال
روحاً تفتح للطبيعة، للطلاقة، للجمال!
روحاً شفيفاً رققّته لطافة الجوّ النضير
ومفاتن السفح الغني، وخضرة الوادي الشجير
روحاً رهيف الحس، متّقد العواطف والشعور
يهوى الجمال، يعبّ لا يروى، من الفيض الكبير!
قد جئت، ها انا، فافتحي القلب الرحيب وعانقيني
قد جئت أسند ههنا رأسي إلى الصدر الحنون
وأظل أنهل من نقاء الصمت، من نبع السكون
فهنا بحضنك أستريح، أغيب، أغرق في حنيني
وهنا، هنا، في جوّك، المسحور، جو الشاعريه
كم رحت أستوحي الصفاء ريى خيالاتي النقيه
فتضمّني في نعسة الإلهام أجنحة خفيّه
تسمو بروحي فوق دنيا الناس، فوق الآدمية
كم رحت أرقب في انجذابي طلعة القمر الرهيف
متوحّداً، تلقي الغيوم عليه هفهاف السجوف
أحلامه الفضية انتشرت على الأفق الشفيف
بيضاً، كأحلامي، نقيَّاتٍ مجنحة الطيوف
كم رفّ قلبي يا مروج لكوكب الراعي الخفوق
سبق النجوم إلى الطلوع وراح في الأفق السحيق
يصغي، كما تصغين أنت معي، إلى الصمت العميق
ونذوب مندمجين، متّحدين بالكون الطليق!
أوّاه لو أفنى هنا في السفح، في السفح المديد..
في العشب، في تلك الصخور البيض، في الشفق البعيد،
في كوكب الراعي يشعّ هناك، في القمر الوحيد..
أواه، لو أفنى، كما اشتاق، في كل الوجود!
© 2024 - موقع الشعر