العودة

لـ فدوى طوقان، ، في غير مُحدد

العودة - فدوى طوقان

وأطل وجهك مشرقاً من خلف عام
عام طويل ظل في عمري يدب كألف عام
عام ظللت أجره خلفي وأزحف في الظلام
وعواصف ثلجية تصطك حولي والطريق
كانت تضيق كأنها أمل يضيق
ويضيع في تيه القتام
عام طويل ظلَّ يفصلنا به بحر صموت
بحر دجت أمواجه وتجمّدت، بحر تموت
فيه الحياة وتغرق الخلجات في برد السكوت
وأنا على شط الأصم
أنا والفراغ وليل وهمي
أصغي لعل صدى يمر
بي، علَّ شيئاً منك، همسٌ، نبأةٌ، شيئاً يمر
بي منك عبر مدى السكوت
لا شيء، إلا وطأة ثقلت وصمتٌ مستمر
عام، ودبّتْ بعده في البحر معجزة الحياه
لم أدر كيف، هناك رفت بغتة فوق المياه
وهفت حمامه
زرقاء، في طهر السماء، هفت إلي على غمامه
وطوت جناحيها وقرَّت في يديه
ورنت إليه
وتنفست دفئًا وعطراً
وشممت فيها منك شيئاً هاجني وجداً وذكرى
فمضيت ألثم ريشها
وجعلت صدري عشها
وشعرت أنك عدت، أنك في الطريق
واجتاحني فرح الغريق
حضنته شطآن النجاه
وأطلَّ وجهك من بعيد
حلواً يرف على وجودي
ورأيت أحزاني تموت على تعانق راحتينا
وأضاء في فمك ابتسام
البسمة الجذلى التي أحببتها منذ التقينا
عادت تضيء كأنها قلب النهار
وتصب في نفسي فيشربها دمي
ويعبّها قلبي الظمي
ونسيت آلامي الكبار
ونسيت في فرح اللقاء عذاب عام
عام طويل ظلَّ في عمري يدب كألف عام
© 2024 - موقع الشعر