البعيد - فاطمة سيد ناعوت

مكدودًا في الظهيرةِ ،
 
على جبينِكَ خيطُ نُحاسْ .
 
لماذا قتلتَ البحرَ إذن
 
وأشبعتَ الطرقاتِ مشيًا
 
إلى البعيدْ ؟
 
في البلدةِ ،
 
تحملُ المصباحَ في يدِكَ
 
وبالأخرى
 
تهَشُّ الفراشاتِ عن ضَيْعَتِكْ
 
في حوزتِكْ واحدةٌ
 
ويرقتانْ ،
 
فيهنَّ
 
خاصمتَ الشِّعرَ والمطرْ.
 
لمْ تراقصِ العالمَ منذ سنينْ
 
أو تخطّ قصيدةً على حائطٍ
 
تدورُ وحسبُ حولَ الفراغِ
 
فيعلو جدارُ الحريرِ المقعَّرُ
 
شيئًا فشيئًا،
 
فلماذا قتلتَ البحرَ
 
وأوسعتَ الطرقاتِ إطراقًا ؟
 
الوردةُ
 
ماتتْ
 
أبَحْتَ أحمرَها وأخضرَها ،
 
وعِطرُها
 
عالقٌ بين سبَّابتِكَ وإبهامِكْ
 
لا يُغسَلُ
 
فأنتَ لم تعبأ بالسَّهمِ المرسومِ على الطريقْ.
 
كنبيلٍ قديمٍ
 
يكسو النُّحاسُ ملامحَه
 
جئتَ من أقصى البلدةِ تسعى
 
مسارُكَ خطٌّ ثابتٌ .
 
لا تلتفتْ للخلفِ .
 
فالأساطيرُ حقيقةٌ
 
والتماثيلُ دليلْ .
 
وأنتَ غادرتَ البحرَ
 
واخترتَ الطريقْ .
 
مكدودًا
 
عدتَ من بلدتِكْ
 
تُنظِّرُ للشِّعرِ وللحُبِّ
 
و امرأتُكْ
 
تنتظرُ هناكَ
 
خلفَ النافذةِ
 
بعضَ خبزٍ … وحفنةَ ماء.
© 2024 - موقع الشعر