البعيدُ القريبُ... - يحيى يسين

البعيدُ القريبُ... (البحر الخفيف)
 
يا بعيدًا
عن ناظِريْ وقَريبَا
مِنْ خيَاليْ،
يا ظالمًا وحَبِيبَا
 
أيُّ دربٍ
يُفضيْ إليكَ فإنِّيْ
قدْ طَوى الشَّوقُ في فُؤاديْ
دُروبَا
 
أرقبُ الفجرَ
علَّهُ يتبدَّىْ طيفُكَ
النائيِ،
راجيًا أنْ تَؤُوبَا
 
قدْ مضَى العُمْرُ
فيْ عذابٍ وهمٍّ
دونَ ذنبٍ
حمَّلتَ نَفْسِيْ
ذُنوبَا
 
كلَّما هبَّتْ
ريحُ هجرِكَ
لَفْحًا
زادتِ الهَوى
فيْ فُؤاديْ هُبوبَا
 
كدَّرَ البعدُ صفوتِيْ
وابتهاجِيْ
وكَسَانِيْ قبلَ الشَّبابِ
مَشِيبَا
 
ورَمانِيْ
على الفراشِ
أُعانِيْ حُرقةً
تلوَ حُرقةٍ وكُروبَا
 
يا أخَ النَّجمِ
أنتُما فيْ شقاقٍ،
قولُ حقٍّ
ولستُ فيهِ كَذوبَا
 
فَفُؤاديْ
مُسكَّنٌ أنتَ فيهِ
طالعٌ دومًا،
ما عرفتَ مَغيبَا
 
والسماءُ للنَّجمِ
مأوًى وبيتٌ
يشرقُ الصبحَ
ثُمَّ ينأَى
غُروبَا
 
وأَخذنَا معْ بُعدهِ
نورَ أفقٍ
وأَخذنَا مِنْ قربكمْ
ذا اللَّهيبَا
 
فلْيُعنِّيْ ربِّيْ
عَلى ما أُلاقِيْ
وكَفى بالَّذيْ دعوْتُ
مُجِيبَا
 
والحياةُ
يا مَنْ قَسوتَ
ابتلاءٌ
وابتلائِيْ
في حبِّكمْ أنْ أذوبَا
 
يحيى يسين
© 2024 - موقع الشعر