شيخُ الطريقةِ - فاطمة سيد ناعوت

كان يعلِّمُنا في الليلْ
 
المواقفَ ، والبكاءَ في حضرةِ الحاجةِ ،
 
و يفسِّرُ
 
كيف أنّ المخاطباتِ الداديّةَ
 
تفرِّغُ ساعةَ الرُّدهةِ من الأرقامْ ،
 
وتُحرِّضُ صبيَّ البوابِ
 
أن يدفعَ الجريدةَ تحتَ بابِ البيتِ ،
 
يركضَ صوبَ الحديقةِ
 
ليلحقَ أباه الذي برَحَ موقعَه
 
كي يراقبَ الشرفةَ من زاويةٍ أفضلْ.
 
الشَّيخُ
 
الذي تعلَّمَ على ديكارتْ ،
 
أوقفَنا في الليلِ وقالْ:
 
الذي دمجَ الهندسةَ بالجبرِ كان مُغفّلاً
 
لأن الأتربةَ التي تتكونُ
 
في الفراغِ بين الفستانِ والجلدْ
 
تقدِّمُ برهانًا مقبولاً
 
على جوازِ الإدانةِ بأثرٍ رجعيّ
 
و تضعُ الفلاسفةَ في حَرَجٍ بالغْ
 
لأنهم عجزوا عن تفسيرِ دموعِ البنتِ
 
يومَ عُرسِها
 
بناءً على مقولتِهم :
 
الاستقراءُ يشدُّ الخطَّ البيانيَّ
 
و يكسرُه عند نقطةِ الخضوعْ .
 
فمَرَّةً ،
 
كتبتْ في ورقةِ الإجابةِ :
 
المسافةُ بين العُنُقِ والقدمين
 
نتوءاتٌ في النصِّ
 
لابدَّ من اختزالِها ما أمكن ،
 
فمالت الأمُّ عليها
 
و تكلمتْ بإيجازٍ
 
عن نَولِ الرَّجلِ وراءَ البحرِ الأحمرْ،
 
ثمَّ نظرتْ في ساعتِها ،
 
و مضتْ إلى " أحمد عكاشة "
 
حيثُ محاضرةٌ
 
عن " إلكترا والعُصابُ الفُصاميّ " ،
 
و مرَّةً ،
 
كان يأتي كلَّ شهرٍ
 
بمجموعةٍ شعريةِ وفتاةْ ،
 
و يؤكّدُ
 
أن اصطدامَ عالَميْن متناقضيْنِ
 
ينطوي على فلسفةٍ لا تخلو من متعةٍ
 
و أن لحظةَ الكَشْفِ
 
يهونُ أمامَها
 
اندثارُ البشريةْ .
 
لكنَّ البنتَ الطوباويةَ
 
- بعد أن عقرتْ عقاقيرُ الاكتئابِ ذاكرتَها -
 
قدمّت أطروحةً أخرى :
 
- لن أكونَ رقمًا
 
لأنني أكرهُ الإحصاءْ ,
 
- ولا عنزةً
 
لأنني لا أؤمنُ بالنشوءِ والتطور ،
 
- و لا صفحةً في كتاب
 
لأنني أسخرُ من فكرة التناسخْ .
 
الأنسبُ
 
أكونُ لصًّا
 
لعشرِ سنينَ قادمةْ ،
 
وفي تمام الأربعينْ
 
أدفعُ بالرَّصاصةِ إلى سقفِ الحَلْقِ
 
بعد كتابةِ وصيّةٍ مؤثرةٍ
 
ورسمِ انطباعٍ دراماتيكيٍّ
 
على الوجه.
© 2024 - موقع الشعر