لماذا عدت؟! - فاديا غيبور

لماذا عدتَ ترسمني نهاراً شاسعَ الأفياءْ
وليلاً وارفَ الأضواءِ ثم تعيدُ تكويني
من النارِ التي اندلعتْ على أطرافِ أغنيةٍ
وغلّتْ في شراييني؟!
لماذا عدْتَ تكتبني على جدرانِ أزمنةٍ
تُلوِّحُ لي بأحلامٍ ملونةٍ
تمزّقني.. تبعثرني، تجمِّعُني على وجعٍ
وللنسيان ترميني؟!
لماذا عدتَ؟
ماتتْ في رمادِ الوقتِ أغصاني
طيورُ دمي... فراشاتي.. تراتيلي
وما عادتْ خيوطُ اللعبةِ الحمقاءِ
بالصبواتِ تغريني
فلي فرحي وأحزاني ولي أوراقُ أشواقي
وعشاقي... حكاياتي... مواويلي
فخذْ كفيكَ من كفّيَّ..
خُذْ عينيك من عينيَّ..
لفَّ دمي بمخملِ وردةٍ ظمئتْ
وحطَّتْ فوق نافذتي
أسارِرُها، تساررُني
أدللها وتحكي لي.
عن الشطآنِ و الخلجانِ
عن صفصافِ ضيعِتنا
وعنْ وجعِ القناديلِ
وعن تلميذةٍ هربتْ من الإملاءِ والإنشاءِ
كي تصطادَ أغنيةً
وتسكنَ في تفاصيلي...
فخذْ كفيكَ من كفيَّ
خذْ عينيكَ من عينيَّ
كان هواكَ همَّ العمرِ
أشجاري وأزهاري
تسابيحي.. تهاليلي
لماذا عدتَ تفتحُ لي نوافذَ من جنونِ الحلمِ
تحملني إلى أوراقِنا الأولى
فتزهرُ في دمي وجعاً، وشوقاً يبتدي ولهي
وينثرُهُ على همساتِ عشبِ الروحِ
يشعلُ ما تبقى من رمادِ الأمسِ في شفتي
ويوقظُ برقَ ذاكرتي
تقولُ: حبيبتي أنتِ
وأنتِ بهاءُ مملكتي
فكوني الفجرَ، كوني الصحوَ
كوني الليلَ والأضواءْ
وكوني الغيمَ كوني النهرَ،
كوني البحرَ والأنواءَ
كوني الكونَ إن شئتِ..
لماذا عدتَ؟
ماتتْ في فضاءِ القلبِ أغنيتي
طيورُ دمي، فراشاتي، مواويلي
فكيف ألمُّ أشلائي، رمادَ دمي
وأشعلُّها.. قناديلي؟!..
© 2024 - موقع الشعر