جَرى ناصِحٌ بِالـوُدِّ بَينـي وَبَينَهـا - عمر بن أبي ربيعة

جَرى ناصِحٌ بِالوُدِّ بَيني وَبَينَها
فَقَرَّبَني يَومَ الحِصابِ إِلى قَتلي

فَطارَت بِحَدٍّ مِن فُؤادي وَقارَنَت
قَريبَتُها حَبلَ الصَفاءِ إِلى حَبلي

فَما أَنسَ مِلأَشياءِ لا أَنسَ مَوقِفي
وَمَوقِفَها وَهناً بِقارِعَةِ النَخلِ

فَلَمّا تَواقَفنا عَرَفتُ الَّذي بِها
كَمِثلِ الَّذي بي حَذوَكَ النَعلَ بِالنَعلِ

فَعاجَت بِأَمثالِ الظِباءِ نَواعِمٍ
إِلى مَوقِفٍ بَينَ الحَجونِ إِلى النَخلِ

فَقالَت لِأَترابٍ لَها شَبَهِ الدُمى
أَطَلنَ التَمَنّي وَالوُقوفَ عَلى شُغلي

وَقالَت لَهُنَّ اِرجِعنَ شَيئاً لَعَلَّنا
نُعاتِبُ هَذا أَو يُراجِعُ في وَصلِ

فَقُلنَ لَها هَذا عِشاءٌ وَأَهلُنا
قَريبٌ أَلَمّا تَسأَمي مَركَبَ البَغلِ

فَقالَت فَما شِئتُنَّ قُلنَ لَهَ اِنزِلي
فَلَلأَرضُ خَيرٌ مِن وُقوفٍ عَلى رَحلِ

وَقُمنَ إِلَيها كَالدُمى فَاكتَنَفنَها
وَكُلٌّ يُفَدّى بِالمَوَدَّةِ وَالأَهلِ

نُجومٌ دَرارِيٌ تَكَنَّفنَ صورَةً
مِنَ البَدرِ وافَت غَيرُ هَوجٍ وَلا نُكلِ

فَسَلَّمتُ وَاِستَأنَستُ خيفَةَ أَن يَرى
عَدوٌ مَكاني أَو يَرى كاشِحٌ فِعلي

فَقالَت وَأَرخَت جانِبَ السِترِ إِنَّما
مَعي فَتَحَدَّث غَيرَ ذي رِقبَةٍ أَهلي

فَقُلتُ لَها ما بي لَهُم مِن تَرَقُّبٍ
وَلَكِنَّ سِرّي لَيسَ يَحمِلُهُ مِثلي

فَلَمّا اِقتَصَرنا دونَهُنَّ حَديثَنا
وَهُنَّ طَبيباتٍ بِحاجَةِ ذي التَبلِ

عَرَفنَ الَّذي تَهوى فَقُلنَ لَها اِئذَني
نَطُف ساعَةٌ في طيبِ لَيلٍ وَفي سَهلِ

فَقالَت فَلا تَلبَثنَ قُلنَ تَحَدَّثي
أَتَيناكِ وَاِنسَبنَ اِنسِيابَ مَها الرَملِ

فَقُمنَ وَقَد أَفهَمنَ ذا اللُبِّ أَنَّما
فَعَلنَ الَّذي يَفعَلنَ في ذاكَ مِن أَجلي

وَباتَت تَمُجُّ المِسكَ في فِيَّ غادَةٌ
بَعيدَةُ مَهوى القُرطِ صامِتَةُ الحَجلِ

تُقَلِّبُ عَينَي ظَبيَةٍ تَرتَعي الخَلى
وَتَحنو عَلى رَخصِ الشَوى أَغيَدٍ طَفلِ

وَتَفتَرُّ عَن كَالأُقحُوانِ بِرَوضَةٍ
جَلَتهُ الصَبا وَالمُستَهِلُّ مِنَ الوَبلِ

أَهيمُ بِها في كُلِّ مُمسىً وَمُصبَحٍ
وَأُكثِرُ دَعواها إِذا خَدِرَت رِجلي

© 2024 - موقع الشعر