نَعَقَ الغُرابُ بِبَيـنِ ذاتِ الدُملُـجِ - عمر بن أبي ربيعة

نَعَقَ الغُرابُ بِبَينِ ذاتِ الدُملُجِ
لَيتَ الغُرابَ بِبَينِها لَم يَزعَجِ

نَعَقَ الغُرابُ وَدَقَّ عَظمَ جَناحِهِ
وَذَرَت بِهِ الأَرواحُ بَحرَ السَمهَجِ

ما زِلتُ أَتبَعُهُم لِأَسمَعَ حَدوَهُم
حَتّى دَخَلتُ عَلى رَبيبَةِ هَودَجِ

نَظَرَت إِلَيَّ رِئمٍ أَكحَلٍ
عَمداً وَرَدَّت عَنكَ دَعوَةَ عَوهَجِ

فَبَهَت بِدُرِّ حُلِيِّها وَوِشاحِها
وَبَريمِها وَسِوارِها فَالدُملُجِ

فَظَلِلتُ في أَمرِ الهَوى مُتَحَيِّراً
مِن حَرِّ نارٍ بِالحَشا مُتَوَهِّجِ

مَن ذا يَلومَني إِن بَكَيتُ صَبابَةً
أَو نُحتُ صَبّا بِالفُؤادِ المُنضَجِ

قالوا اِصطَبِر عَن حُبِّها مُتَعَمِّداً
لا تَهلِكَنَّ صَبابَةً أَو تَحرِجِ

كَيفَ اِصطِباري عَن فَتاةٍ طَفلَةٍ
بَيضاءَ في لَونٍ لَها ذي زِبرِجِ

نافَت عَلى العَذَقِ الرَطيبِ بِريقِها
وَعَلى الهِلالِ المُستَبينِ الأَبلَجِ

لَمّا تَعاظَمَ أَمرُ وَجدي في الهَوى
وَكَلِفتُ شَوقاً بِالغَزالِ الأَدعَجِ

فَسَرَيتُ في دَيجورِ لَيلٍ حِندِسٍ
مُتَنَجِّداً بِنِجادِ سَيفٍ أَعوَجِ

فَقَعَدتُ مُرتَقِباً أُلِمُّ بِبَيتِها
حَتّى وَلَجتُ بِهِ خَفِيَّ المَولَجِ

حَتّى دَخَلتُ عَلى الفَتاةِ وَإِنَّها
لَتَحُظُّ نَوماً مِثلَ نَومِ المُبهَجِ

وَإِذا أَبوها نائِمٌ وَعَبيدُهُ
مِن حَولِها مِثلُ الجِمالِ الهُرَّجِ

فَوَضَعتُ كَفّي عِندَ مَقطَعِ خَصرِها
فَتَنَفَّسَت نَفَساً فَلَم تَتَلَهَّجِ

فَلَزِمتُها فَلَثِمتُها فَتَفَزَّعَت
مِنّي وَقالَت مَن فَلَم أَتَلَجلَج

قالَت وَعَيشِ أَبي وَحُرمَةِ إِخوَتي
لَأُنَبِّهَنَّ الحَيَّ إِن لَم تَخرُجِ

فَخَرَجتُ خَوفَ يَمينِها فَتَبَسَّمَت
فَعَلِمتُ أَنَّ يَمينِها لَم تَحرَجِ

فَتَناوَلَت رَأسي لِتَعلَمَ مَسَّهُ
بِمُخَضَّبِ الأَطرافِ غَيرَ مُشَنَّجِ

فَلَثَمتُ فاها آخِذاً بِقُرونِها
شُربَ النَزيفِ بِبَردِ ماءِ الحَشرَجِ

© 2024 - موقع الشعر