.. وبحـر البلطـيق - علي صدقي عبدالقادر

على مياه (بحر بلطيق) البعيد
 
سفينة ركبتها، للشوق، للمحال
 
عبر السحاب، والغيوم والمطر
 
أعيش كل عمري، في دفعة واحدة من غير حد
 
وددت لو أطير
 
للمرة الأولى، وددت لو أطير
 
في قلب نسمة عذراء، نسمة الشمال
 
في عين طير (بحر بلطيق) المليء بالمحار
 
وسفن السياح، والتجار
 
لأرقب الليل يعانق النهار
 
فأكتب الأشعار
 
* * *
 
أحسست (بالبلطيق) خاتمي بإصبعي يدور
 
يود ضم السائحات، والطيور، (والبلطيق) والجزر
 
ويشتهي عروس البحر، عند القاع تستحم
 
يكون في إصبعها رسالة تفوح
 
بأحرف أبعادها، الحياة، والحنين، والأبد
 
ألقيته، وهو امتداد لي، في لجة البلطيق
 
من يومها، أصبحت بحراً، لكن لا يسيل
 
بداخلي بواخر، بحارة، أعشاش طير، شاقها الرحيل
 
بداخلي ميلاد بيت شعر، يعصر المجهول
 
* * *
 
على السفين ذات قرط تطعم الطيور في الهواء
 
رأيت فوق وجهها دائناً، لم يرها سواي
 
أحسست أنها تعرفني، من قبل أن تلدني والدتي
 
تعرفني، أعرفها ونحن حبتا طين يرف
 
يعجبنا الإله
 
نصفين في رغيف
 
أضأت شمعداناً حول شعرها المليء بالثمار
 
فتيله يصب في منديلها أشواقي العطاش
 
يحيك جو ليلة من قصر هرون الرشيد
 
بما به من الحريم، والغناء، والمجامر المعلقة
 
بعينها ركبت فرساً، ركضت حتى استضحك اللجام
 
لهثت ألف عام
 
وضعت في الزحام
 
واجتزت حد دنيا الناس، والزمان
 
شممت من شفتها السفلى، حليب ثدي أمها
 
قرأت فوقها: ديوان شعر
 
على احمرارها شاهدت موطني، طفولتي، ولعبي الصغيرة
 
وثوبي الجديد في الأعياد، والحلواء
 
* * *
 
غرست فوق ثوبها المنشق من أمامه نجوم بلدتي
 
لتضحك الأزرار
 
وتهطل المطار
 
ملأت كل فتحة فيه برمان وتوت
 
غلال موطني، الذي تذوب الشمس في هواه
 
وتعشق المزمار، والموال في ذراه
 
ومنشداً يقول: (يا ليلى ويا عيناه)
 
تحب عشقنا العذري، والغزل
 
تشوقها الوجوه السمر، والنخيل
 
ووشمة الصبايا، تحت شفة تسيل
 
من أجلها تظل الشمس عندنا مدى الحياة
 
ترضعنا كل صباح
 
لأننا أبناؤها
 
أبناء هذي الشمس أمنا، ترضعنا كل صباح
 
غسلنا فوق قرصها أوجهنا الثانية، الظلال
 
فلم تعد ذواتنا لها ظلال
© 2024 - موقع الشعر