هكذا تكلم أحد القرامطــــة - علي الشرقاوي

( هل كل جارحة
 
تتنفس في فجوة الجلد،
 
أو فجوة الرأس مسجونة ،
 
كل طفل تشيخ ،
 
والنسوة ، الأمهات الصغار أرامل ).
 
يدفعني الجند بالوخز في اسفل الظهر ،
 
ارفع رأسي ، أدخل ، دون حضور ودون شهود
 
يقدمني المحاكمة القصر ، أضحك ،
 
بسم الخليفة ، تقرأ لائحة التهم - الحب ، اضحك
 
بسم الخليفة يصدر حكم الطواغيت ضدي
 
ينفلت الضحك من كلماتي المحاطة بالجند ،
 
يخرجني حرس القصر ،
 
يفتح باباً الى السجن ، باباً الى القبر
 
يا وردة الجوع ،
 
يا وطناً يتوهج في ظلمة الإعتقالات.
 
ماكان عندي زرع،
 
وما كان عندي ضرع
 
أنا رجل من صعاليك هذي المدينة
 
أدبغ جلد الثعالب ،
 
بين رفاقي أقتسم الزاد ، أقتسم الثوب
 
أنشر في الصحراء ورودي ،
 
أشرب نخب القرامطة الفقراء كؤوس الملامة
 
أحترف السجن ، يحتضن الوجه ،
 
يلقي يديه على كتفي ، يحدثني عن جموع الرفاق
 
يحدثني عن مياه الخليج المراقب من جهة خاصة ،
 
أتأبط حزني ، تسألني النفس في لثغة الطفل ،
 
كيف تمر السنين الطويلة ، كيف تمر الليالي
 
مشبعة بالكآبة تحضر بالنعش ،
 
يختلط اليوم بالأمس ،
 
يختلط النوم بالصحو ،
 
تفقد كل الأحاديث روعتها ،
 
والأغاني تصمت ، تصمت كل الزنازن ،
 
يختلط الحر بالقرّ ،
 
يختلط القرّ بالقرّ ،
 
لا دفء ، كنت انا الدفء في الثلج ،
 
هل يتوسد بعضي - في وجع البرد - بعضي
 
وهل يتقدمني النعش مثل العصافير حين تهاجر
 
أدخل في كهف الليل ، شيء رهيب هو الليل ،
 
لا سكناً للصعاليك ، أعرف ، لا وطناً للطيور
 
اسأليني لماذا الليالي تطول ؟
 
لماذا الفصول ؟
 
يعمدها الوقت بالدم ، تكبر
 
يشتعل الرأس بالشيب ، تكبر
 
تقصر أيام عمرك ،
 
اكبر
 
يقترب القبر من باب زنزانة رقمها واحد
 
من يا ترى يدفن الصوت ،
 
لا أحد ، فأنا نبأ من بدء الخليقة ،
 
ينسجه البرق ، يعلنه نسغ النار ،
 
تعلن عني كتابات من سبقوني الى وطن العشق ،
 
يا وردة الجوع ،
 
يا نهر
 
يا جذر
 
هل كنت في جسدي ؟
 
آية لحضور المدينة أو كنت ناراً،
 
تحولت فيها جحيماً لذيذاً
 
يذيب الجراحات ، يا لحظة عمرها الدهر .
 
تواصلت ، غذيتك الجرح ،
 
دمع الصعاليك ، دمع القرامطة المستحمين في أنهر الجوع
 
كيف أتوا.. أخذونا معاً
 
كيف ؟!! ما عاد شئ يقال
 
سوى ان تكون الاجابة نوعاً جديداً
 
سوى ان يظل السؤال
 
لنا افقاً ، والخليج طريقاً يمر بنا العالم الطفل ،
 
يا وردة الجوع ، يا كل شئ لدي
 
نهاراً أراك
 
نخيلاً تقايض شاهدة القبر بالقبر ،
 
تكبر في رائحة الملح ،
 
ليلاً أراك
 
سماءً توغل فيها الدمى الخلفاء
 
( أيمكن أن يتباعد وجهك عني
 
أيمكن .. كيف ؟
 
وانت مكانك قلبي وصوتك صوتي )
 
أنا البحر ،
 
جلدي الشواطئ
 
أسكن في قطرة الماء ، في الطلع أسكن ،
 
في التربة المستحمة بالانتفاضات
 
في مطلع الصيف أسكن ،
 
يا وردة الجوع هزي جدار الازقة يطلع طفل
 
وهزي الصدى
 
صنماً يسقط الحقد ، في الوحل يسقط
 
في الوحل
 
في الوحل
 
يا وردة الجوع ،
 
قد يمنعون النعاس عن العين ..لكن
 
سأبقى أنا الحلم ،
 
كل الجهات طريقي .
© 2024 - موقع الشعر