وعــــود - عبد العزيز سعود البابطين

لا تَعذِلوني فإنَّ العذلَ يَقتُلُني
يا مَن قسوتُم على روحٍ قَضَتْ سأما

ولا تقولوا مَضَتْ أعوامُكُم وغَدَتْ
جُرحاً عميقاً بقلبِ الغَيبِ فالتَأما

لا تحسَبوا أنَّ نارَ الحبِّ قد خمَدَتْ
فالحبُّ في الرّوحِ مكنونٌ وقد سَلِما

إنْ تَنحَتوا من جبالٍ صَلدةٍ هَرَماً
فذاك أهونُ من هَجْرٍ بدا حُلما

لن يصرفَ الحُبَّ عن قلبي مَلامُكُمُ
فالماءُ في اليمِّ لن يَفنى إذا ارتطما

وما ضميري بمُرتاحٍ لنُصحِكُمُ
وكيف يرتاحُ من بالحُبِّ قد غنِما؟

أمضي بلَيلي ويَومي عابساً ضَجِراً
من خوفِ هجرٍ أعاني الهَمَّ والنَّدما

يا لائِمِيَّ دَعُوا ذِكرَ الهوى عَبِقاً
يمضي بعيداً بأحلامِ الصِّبا نَسَمَا

حين التقينا وأسمارُ الهوى شهدتْ
نُجيمَةَ الصُّبحِ تدعونا لها كَرَما

ثمَّ انطوينا وغابَ الحبُّ في سُدَفٍ
من الفِراقِ وعَقَّ الوُدَّ مَن ظَلَما

ما للوعودِ التي أمطرتِني لَعِبَتْ
بها الرياحُ فإني قد قَضَيتُ ظَما

واليومَ ها أنتِ في المحرابِ راكعةٌ
وقد نسيتِ الهوى والعهدَ والقَسَما

تأتينَ تبكينَ أياماً وقد غَرَبَتْ
هل يُرجعُ الدَّمعُ ما ولّى وما اختُرِما

قد ضاعَ عُمري هباءً إثْرَ بُعدِكُمُ
وا ضيعَةَ الحبِّ من نأيٍ به احتَكَما

هل تذكُرين تَلاقِينا ولَهفَتَنا
ورنَّةَ العُودِ والأوتارِ والنَّغما

وفرحَةَ الوعدِ إثْرَ الوعدِ تُسكِرُنا
وقد صَحَونا نعاني اليأسَ والنَّدما

هل تَرجعين وقد شابَت ذوائِبُنا
وتركعينَ لأنسى البينَ حين رَمى

خمسٌ وعشرون مرَّتْ عاشَها كَمَدي
وتحلمين بأنْ نَجني بها نِعَما

لا بأسَ أن تذكُري أيامَنا فأنا
ما زِلتُ أرقُبُ قلبي يجرَعُ الألما

© 2024 - موقع الشعر