شيَّبتُ ليـــلي - عبد العزيز سعود البابطين

قهَرتُ اللَّيلَ حتى شابَ ليلي
ليبدو شيبُهُ الوضّاحُ صُبحا

وأشقاني المسيرُ طَوالَ دربي
يهيبُ بِهِ الشقاءُ صُوىً ومَنْحى

تُمنّيني الرُّؤى لُقيا حبيبٍ
له ذكرى بقلبي ليس تُمحى

مضَتْ أعوامُنا وغدَتْ سراباً
ويومي طولُهُ كالدهرِ أضحى

يُسائِلُني الفؤادُ وقد تَردّى
أنعقِدُ والفراقُ الصعبُ صُلْحا؟

فقلتُ لهُ وفي حَلقي مَرارٌ
بحسٍّ مُرْهَفٍ والصوتُ بُحّا

ظننتُكَ يا فؤادُ مَعينَ صبري
وأسمعُ منكَ رَغمَ البينِ مَدحا

وجدتُكَ يا رفيقَ العِشقِ تشكو
فزدتَ بيَ الجروحَ أذىً وجُرحا

نسيتَ مشقَّةً كالدَّهرِ ولَّتْ
وتجثو اليومَ ؟ ما أقساكَ مَزْحا

ألمْ ترَ أنَّ صبرَكَ عاشَ دهراً
وعشقَكَ قد بنى للحبِّ صَرْحا

وعدتَ اليومَ مهزوماً تعاني
تُذيعُ السرَّ إعلاناً وبَوْحا

فليتَكَ يا حبيبي الآنَ قُربي
لتشهَدَ كيفَ أنَّ الصبرَ شَحّا

وليتَكَ يا فؤادُ صبَرتَ صَبري
لتبقى في فمِ الأيامِ فَوْحا

فلُقيانا وشيكٌ بعد نأيٍ
وإيقادِ الضُّلوعِ بُكًى ونوحا

تحدَّيتُ السنينَ وكانَ سيفي
حديدَ الصبرِ لا يهتزُّ بَرْحا

أصوغُ الشِّعرَ لحناً سرمديّاً
تدغدِغُهُ المنى والشَّوقُ أوحى

ألستُ أنا الذي هزِئَتْ جُفُوني
بليلِ السُّهدِ حين الليلُ أضحى

ألم تَرَ أنني شيَّبتُ ليلي
ليبدوَ شيبُهُ الوضّاحُ صُبحا؟

© 2024 - موقع الشعر