يا واقفاً - عبدالرحمن العشماوي

مالي أراك تقلبُ النظرا
وكأن عينك لا ترى أثرا ؟

و كأن قلبك لايحس بما
يجري ولا يستشعر الخطرا

و كأن ما في الكونِ من عبرٍ
ومن المواعظ واجهت حجرا

مالي أراك عقدتَ ألويةً
للوهم ساقت نحوك الكدرا ؟

أو ما ترى شمس الضحى وإذا
جن الظلام، أما ترى القمرا ؟

أو ما ترى الأرض التي ابتهجت
أوما ترى النبع الذي انحدرا ؟

يا هارباً من ثوب فطرته
أوما ترى الأشواك والحفرا ؟

أو ما ترى نار الظلال رمت
لهباً إليك وأرسلت شررا؟

مالي أراك كريشة علقت
ببنان مرتعشٍ رأى الخطرا ؟

تصغي لقول المصلحين وإن
فُتِحَ المجال ، تبعتَ من فجرا

إن أحسن الناس اقتديت بهم
وإذا أساؤا تتبع الأثرا

أتظل بين الناس إمعةً يسري
بك الطوفان حيث سرى؟

عجباً أما لك منهج وسط
كمحجةٍ نبراسها ظهرا ؟

يا ساكنا في دار غفلته
متوارياً وتعاتب القدرا

أنسيت أن الأرض حين ترى
الجفاف تراقب المطرا ؟

أنسيت أن الغصن يسلبه
فصل الخريف جماله النضرا

مالي أراك مذبذباً قلقا
حيران يشكو طرفك السهرا ؟

هذا قطار العمر ، ما وقفتْ
عرباته يوماً ولا انتظرا

فإلى متى تبقى بلا هدفٍ
اسماً كأنك تجهل السفرا ؟

هبت رياح المرجفين على
إسلامنا ، فلتحسن النظرا

أو ليس للقرآن جلجلة في
قلبك الشاكي الذي انفطرا؟

أجزعت ؟ ، كيف وديننا أفق
رحب وأدنى ما لديك ذرا ؟!

خسر الجزوع وإن سعى سعياً
نحو المراد ، وفاز من صبرا

الأرض كل الأرض ترقبنا
وتقول : هذا بابي انكسرا

لم تسلك الدرب الصحيح فهل
ترجو النجاة وتطلب الظفرا ؟

إن الكريم إذا أساء بلا قصدٍ
وأخطأ تاب واعتذرا

هذي بلادك ، ذكرها عَطِرٌ
فبها تسامى المجد وازدهرا

رفعت لواء الحق منذ هوت
أصنامها وضلالها اندحرا

هي واحة الدنيا فكم نشرت
ظلاً على من حج واعتمرا

فافخر بها إن المحب إذا
صدق الهوى ، بحبيبه افتخرا

دع عنك من ماتت مشاعره
وفؤاده في حقده انصهرا

أرأيت ذا عقلٍ يمد يداً
نحو التراب ويترك الثمرا ؟

فإلى متى أبقى تدنسني
مدنية ، وجدانها كفرا ؟

ولديكم الاسلام ينقذني
مما أعاني يدفع الخطرا

الأرض تدعونا انتركها
ونكون أول عاشقٍ هجرا ؟

يا واقفاً والركب منطلقٌ
او ما ترى الأحداث والعبرا ؟

أو ما ترى في العصر عولمةٌ
جلبت إليك بنفعها الضررا

ولديك مفتاح الصعود بها
إن لم تكن ممن بها انبهرا

عد يا أخي فالبحرُ ذو صََفٍ
كم مركبٍ في موجه انغمرا

كن واضحاً كالشمس صافية
بيضاء يجلو نورها البصرا

© 2024 - موقع الشعر