أي ليل يتمطى فوق أرضي ؟! - عبدالرحمن العشماوي

أي ليل يتمطى فوق أرضي
 
شب ضوء الفجر
في أطراف ليلي
وأنا اجتر بؤسي
وأنا أسأل نفسي "
أي ليلٍ ونجومِ
وقمر
أي زهرِ وشجر
وجبال شامخاتٍ
ومدر
أي وجهٍ جامدٍ
ألمه
أي عينين أرى
أهما سجنان مبنيان
في صحراء قفرِ
أم هما غاران محفورانِ
في جلمود صخر
 
كان ضوء الفجر مصفراً
يوريه السحاب
وسؤالي ..
لم يزل يبحث
عن طيف جواب:
أو ما للعين حظ من منام
أو ما للقلب حظ من غرام
 
أيها الماضون مثلي
في دروب الحسراتِ
كلنا
يغمض عينيه يقتات
جراحه
كلنا
يأخذ في حيرته
غفوة راحة
كلنا ينفر من لفظ الصراحة
كلنا يفقز في جنح ظلام الليل
يستل سلاحه
 
أيها القلب تنهد
أيها الجرح الذي اعشقه
يعشقني
خذ مداك الرحب في قلبي
تمدد
لم يعد للفرح الكاذب
في قلبي مساحة
 
يا وجوها
لم أزل
أغمض عيني
عندما انظر فيها
لم أزل
أمسك قلبي
عندما انظر فيها
لم أزل
أحمل مأساتي على ظهري
وأمضي
عندما انظر فيها
ياوجوها
لم تزل تحمل
عنوان "الوقاحه"
ياعيونا ..
لم تزل ترضدني
ياشفاها
لم تزل تشتمني
ما الذي أشكو
وماذا تنفع الشكوى
وتُجدي
ألف شكوى
سمعتها أذن الطغيان
قبلي
ألف شكوى
سمعتها أذن الطغيان
بعدي
ألف شكوى
سمعتها الأمم المتحدة
وأنا
مازلت أقتات جراحي
أشرب الحسرة
"علقم"
اقرأ الإرهاب
في نظرة شيطان
"ملثم"
ويناديني سؤال
وسؤال
 
أخيال
ما أرى من جثث القتلى
ون تشريد أطفالٍ
وترميل نسا
أخيال
ما أرى من إخوةٍ
يقتتلون
 
أفلسطين حكايا
وأناشيدُ
وأصباع على وجه فتاه
أم فلسطين وطن
أفلسطين ضحايا
وسبايا.
وشعارات
وغارات غزاه
أم فلسطين وطن
أفلسطين
خداع
وجفاء
وخيانات طغاه
أم فلسطين وطن
أفلسطين
سطور في بيانات
احتاج
وخصام
ولجاج
أم فلسطين وطن
 
أي ثلم
أحدث المنشق
في جدران بيته
أي فاسٍ
حطمت رأس أخيه
أي منجل
أي ليلٍ
يمتطي فوق أرضي
كلما زادت
حبال الغدر
طولاً
صار ليل البؤس
أطوال
 
أي خد
لطمت "ليلي"
على جثة سعدٍ
وسعيدِ
ولداها قتلا
وعلى الأرض دماء
ودماء
وعلى وجهكِ يا ليلي
علامات استياء
وبعينيكِ دموعُ
وعلى ثمركِ
مشروع نداء
 
ولداي اقتتلا
كنت قد خبأت رشاشين
للزوج الشهيد
أملي
أن يكمل الرحلة
سعد وسعيد
ولداي احتملا – في الليل-
رشاشيتهما
ولداهما
ولداي امتشقا
سيفيهما
سيف"سعدٍ"
تاه في صدر "سعيد"
صدر "سعيدٍ"
صار غمداً
يحتوي سيف "سعيد"
ولداي اقتتلا
أشهيدان هما
أصديقانٍ
هما
أعدوان هما
لست أدري
 
حيرتي تملكني
أم أنا أملكها
آهتي
تمزقني
أم أنا
أعرفها
 
أين أعدائي
ومن أي رصاصٍ احتمي
من رصاص الغاصبين
أم تراني احتمي
من رصاص الأقرباء
الغادرين
يا إلهي ..
تاه في غطرسةٍ الليلِ
سؤال
ذاب في "بوتقة" الحزنِ
سؤالي
وأنا أعرف ما أبغي
وما سر
وجودي
أنا من أسلم لله
قياده
أنا من يطوي
على الحب فؤاده
تركض الأهواء نحوي
وأنا أزهد فيها
وأنا
أهرب منها
تهرب الأحلام مني
وأنا اطمع فيها
وأنا
أسال عنها
 
إنني أعرف ما يحدث
حولي
إنني أعرف
نفسي
إنني أعرف أن السيف
في كف صديقي
إنني أعرف أن الموت
يمتد أمامي
وورائي
عن شمالي ويميني
غير أني ..
لم أزل أغرق
في بحر شجوني
كلماتي كالسبايا
يتلوين على وقعٍ
أنيني
 
زورقي يركب موجة
وأن أركب
موجة
وعلى الشاطئ ذئب
يرمق الآتي من البحر
ينظره
وعلى الشاطئ
غزلان وزهرة
ورمال
تتلوى حول صخرة
وأنا ..
ترقص حولي
ألف فكره
ليتني أصطاد فكره
وأنا ..
تسمع أذني
ألف نغمة
ليتني أصطاد نغمة
ليتني
أسطيع أن أمنح وجة "الوغدِ"
لطمة
ليتني
اسطيع أن أكسر
سهمة
ليتني اسطيع أن ألثم ثغرا
تتغنى فيه بسمة
غير أني
لم أزل أغرق
في بحر شجوني
 
غرسوا الشوكة في حلقي
وقالوا :
أيها البلبل
غرد
زرعوا الآهة في صدري
وقالوا :
لا تقل إني حزين
لا تردد
ملؤوا عيني دمعاً
ثم قالوا :
كيف تبكي
كيف تشكو
أيها الجاحد للفضلِ
وتحكي
نسفوا الفرحة في قلبي
وقالوا:
كيف لا تفرح يا هذا
وتشدو
 
وتحاملت على نفسي
ونحيت همومي
وشدوت
صار شعري غاية
من حسراتي
صار خوفاً
وأنيناً
صار شوقاً
وحنياً
صار إحجاماً
وإقداماً
وإشراقة ذاتِ
صار جرحاً
يرتدي اللحن ويستخفي
وراء البسمات
 
سمعوا ألف قصيدة
طبخوها أكلوها
نصبوا من حسرة الشاعر
خيمة
نشروا في الجو
غيمة
سمعوا ألف قصيدة
عصروها شربوها
سكبوا منها
على صدر "حليمة"
نسجوا منها حكاياتٍ جديدة
وحكايات قديمة
قرؤوها حفظوها
وعلى صرخة رشاشٍ
نسوها
© 2024 - موقع الشعر