طَرِبْتُ وما هـذا بسَاعَـةِ مَطْـرَبٍ - ليلى الأخيليه

طَرِبْتُ وما هذا بسَاعَةِ مَطْرَبٍ
إلى الحي حَلّوا بَيْنَ عاذٍ فجُبْجُبِ

قَدِيماً فأَمْسَتْ دارُهُمْ قَدْ تَلَعَّبَتْ
بِها خَرَقاتُ الريحِ من كُلِّ مَلْعَبِ

وكَمْ قَدْ رَأَى رائِيهِمُ وَرَأَيْتُهُ
بِها ليَ مِنْ عمٍّ كَرِيمٍ ومِنْ أَبِ

فَوارِسُ مِنْ آلِ النَّفاضَةِ سادَةٌ
ومِنْ آلِ كَعْبٍ سُؤْدَدٌ غَيْرُ مُعْقَبِ

وحيٍّ حرِيدٍ قد صَبَحْنا بِغارَةٍ
فَلَمْ يُمْسِ بَيْتٌ مِنْهُمُ تَحْتَ كَوْكَبِ

شَنَنَّا عليهم كلَّ جَرْداءَ شَطْبَةٍ
لَجُوجٍ تُبارِي كُلَّ أَجْرَدَ شَرْجَبِ

أَجَشَّ هَزِيمٍ في الخَبارِ إذا انْتَحى
هَوادِي عِطْفَيْهِ العِنان مُقرّبِ

لوَحْشِيِّها مِنْ جانبَيْ زَفَيانِها
حَفِيفٌ كَخُذْرُوفِ الوَلِيدِ المُثَقَّبِ

إذا جاشَ بالماءِ الحَمِيمِ سِجالُها
نَضَخْنَ بِهِ نَضْخَ المَزادِ المسَرَّبِ

فَذَرْ ذا ولكنّي تَمَنَّيْتُ رَاكِباً
إذا قالَ قَوْلاً صادِقاً لَمْ يُكَذَّبِ

لَهُ ناقَةٌ عِنْدِي وَساعٌ وكُورُها
كِلا مِرْفَقَيْها عَنْ رَحاها بمُجْنَبِ

إذا حَرَّكَتْها رحْلَةٌ جَنَحَتْ بِهِ
جُنُوحَ القطاةِ تَنْتَحِي كُلَّ سَبْسَبِ

جُنُوحَ قَطاةِ الوِرْدِ في عُصَبِ القَطا
قَرَبْنَ مِياهَ النِّهْيِ مِن كُلِّ مَقْرَبِ

فَغادَيْنَ بالأَجْزاعِ فَوْقَ صَوائِقٍ
وَمَدْفَعِ ذاتِ العَيْنِ أَعْذَبَ مَشْرَبِ

فَظَلْنَ نَشاوى بالعُيونِ كأَنَّها
شَرُوبٌ بَدَتْ عَنْ مَرْزُبانٍ مُحَجَّبِ

فَنالَتْ قلِيلاً شافِياً وَتَعجَّلتْ
لنادِلِها بَيْنَ الشِّباكِ وَتَنْضُبِ

تَبِيتُ بمَوْماةٍ وتُصْبِحُ ثاوياً
بِها في أَفاحِيصِ الغَوِيِّ المُعَصَّبِ

وَضَمَّتْ إلى جَوْفٍ جَناحاً وجُؤْجُؤاً
وناطَتْ قليلاً في سِقاءٍ مُحَبَّبِ

إذا فَتَرَتْ ضَرْبَ الجَناحَيْنِ عاقَبَتْ
عَلى شُزُنَيْها مَنْكِباً بَعْدَ مَنْكَبِ

فَلَمَّا أَحَسَّا جَرْسَها وتضوَّرا
وَأَوْبَتها منْ ذلكَ المُتَأوِّبِ

تَدَلَّتْ إلى حُصِّ الرُّؤُّوسِ كأنَّها
كُراتُ غُلامٍ مِنْ كِساءٍ مُرَنَّبِ

فَلَمَّا انْجَلَتْ عَنْها الدُّجى وسَقَتْهُما
صَبِيبَ سِقاءٍ نِيطَ لمّا يخرّبِ

غَدَتْ كَنَواةِ القَسْبِ عنها وأَصْبَحَتْ
تُراطِنُها دَوّيّةٌ لَمْ تُعَرَّبِ

ولي في المُنى ألاّ يُعرّجَ راكبي
وَيحْبِسَ عنها كُلَّ شيءٍ مُتَرَّبِ

ويُفْرِجُ بَوَّابٌ لَها عَنْ مُناخِها
بإقْلِيدِه بابَ الرِّتَاجِ المُضبّبِ

إذا ما أُنيخَتْ بابنِ مَرْوانَ ناقَتي
فلَيسَ عَلَيْها لِلْهَبانِيقِ مَرْكَبي

أُذِلَّتْ بقُرْبي عِنْدَه وقَضى لها
قَضاءً فَلَمْ يُنْقَضْ ولم يُتَعَقَّبِ

فإنَّكَ بَعْدَ اللّهِ أَنْتَ أَميرُها
وقُنْعانُها مِنْ كُلِّ خَوْفٍ ومرغبِ

فَتَقضِي فَلَوْلا أَنَّه كُلُّ ريبَةٍ
وكُلُّ قلِيلٍ مِنْ وَعِيدِكِ مُرْهِبي

إذاً ما ابْتَغى العادِي الظَّلُومُ ظُلامةً
عَلَيَّ ومَا أَجْلَبْتُ للْمُتَجَلِّبِ

تُبادِرُ أبناءَ الوشاةِ وَتَبْتَغِي
لَها طَلَباتِ الحقِّ مِن كُلِّ مَطْلَبِ

إذا أَدْلَجَتْ حَتَّى تَرى الصُبحَ واصَلَتْ
أدِيمَ نَهارِ الشَّمْسِ ما لَمْ تَغَيَّبِ

فَلمَّا رَأَتْ دَارَ الأَميرِ تَحاوَصَتْ
وصَوْتُ المُنادي بالأذانِ المثوَّبِ

وتَرْجِيعُ أصْواتِ الخصومِ يردّها
سُقُوفُ بيوتٍ في طِمارِ مُبَوَّبِ

يَظَلُّ لأَعْلاها دَوِيٌّ كأنَّهُ
تَرَنُّمُ قارِي بَيْتِ نَحْلٍ مُجَوَّبِ

© 2024 - موقع الشعر