امتَهنوا فما امتُهنوا! (إن امتهان الإنسان بمهنةٍ ما تجعله في عِزةٍ ومَنعةٍ. فلا يمكن لأحد أن يضيّق عليه ، أو يُكرهه على التنازل عن شيء من مبادئه أو قيمه ، أو يجعله يطوع دينه لخدمة من يعطيه وينتظر نواله. ومن هنا حرص فقهاؤنا وعلماؤنا وأدباؤنا من ذوي العلم والرسالة في الحياة ، على أن يتخذ كل منهم مهنة يرتزق منها الرزق الحلال الذي يُعزه عن أن يتنازل أو يطوّع ، أو يأكل بعلمه أو بدينه أو بأدبه نثراً أو شعراً ، أو يُحرّف الكلم كتاباً أو سُنة عن مواضعه ليرضي ذوي الأموال والإمرة. أو يكون دوره في هذه الحياة إضفاء الشريعة على انحرافات الجاهلية أو يلوي أعناق النصوص طلباً للحظوة عند عِلية القوم ، أو كتمان الحق وعدم إبلاغه خوفاً على الوظيفة الارتزاقية التي لا يعدل التمسك بها ألف سنة غمسة واحدة في جهنم. ومن هنا كان العلماء على ضربين: ضرب هو صاحب رسالة بل ومهمة في الحياة ، وهذه الرسالة هي حماية هذا العلم ونشره في العالمين مهما جرى. والضرب الثاني مرتزقٌ يبيع في سبيل الدينار نفسه قبل علمه أو دينه أو أدبه.)

© 2024 - موقع الشعر