الأشيب والسموم البيضاء! - أحمد علي سليمان

أدركْ صَدى الناي ، كم جَادتْ به الشِّلة
واشْفعْهُ بالقات والنرجيل والدَّلة

ورَجِّعْ اللحنَ بين الصحب مُحتفِلاً
بخيبةٍ نسَجَتْ أكفانَها الغفلة

النايُّ هَشَّ لمفتون بكَبوته
لم يَعتبرْ بمشيب مَدَّدَ المُهلة

النايُ أغراكَ بالألحان صُبحَ مسا
والعُودُ دَندنَ ما أهدتْ له الطبلة

والعقلُ غابَ ، ونفسُ الشَّيبة انتحرَتْ
ما قِيمة المرء أردى مُسْكِرٌ عقله؟

والبيتُ ضاعَ ، وضاعتْ قبلُ عائلة
لم تخشَ يوماً بلا ، وما اشتكتْ عَيلة

وزايلتْ شَيبة سيارة رُهِنتْ
بأمر أشقى نديم يَرأسُ الشِّلة

وداهمَتْ شَيبة السُّمَّار مَيْلتُه
لا بارك اللهُ في الصَّرعى ولا المَيْلة

وصارعَ الخِبُّ أسقاماُ تُجَندله
كم أشيبٍ لُكَع أودَتْ به عِلة

أوهى المُخَدِّرُ بالإدمان قوَّتهُ
وصِحة الخِبِّ بالسموم معتلة

وصار أضحوكة الشُّيَّاب أجمعِهم
وبات يَهذي كما المجنون والأبله

وجاءه الموتُ مُسْتلاً مُهندَه
إذ انتهى أجَلٌ ، واسْتُوفِيَتْ رحلة

وجاءتِ الإبنة الكبرى تُلَقنُهُ
شِعارَ أهل التقى والدِّين والمِلة

تُزجي الشهادة ، عَلَّ اللهَ يرحمُهُ
والغِرُّ لم يَستطِع إعادة الجُملة

بل كان يَطلبُ ناياً يَستعينُ به
على الغناء يُسَلَي القومَ والحفلة

ورَدَّدَ الطلبَ الذي يُفضله
كأنه لم يكنْ يَستقبل القِبلة

وفاضتِ الرُّوحُ تشكو ظلمَ صاحبها
إذ كان يحيا على جهل وفي عُزلة

مناسبة القصيدة

(أشيب لم يحترم شيبه ولا قربه من القبر ، فراح يدمن السموم البيضاء والمخدرات ، ثم تطور به الحال إلى الأسوأ فراح يتاجر في المخدرات والمسكرات! إلى أن حكم عليه بخمسة عشر عاماً فعساه أن يفيق إلى صوابه. فلم يفق ، وأعجزته معاصيه عن النظق بالشهادة عند الموت!)
© 2025 - موقع الشعر