زوج رومانسي! - أحمد علي سليمان

أراكِ فرحي وسَعدي
وسَاعِدي في التحدي

وأنتِ - في الضيق - يُسري
وأنتِ - في الطيش - رُشدي

وأنتِ - في الجد - عَوني
وأنتِ - في الحرب - جُندي

إما غضبتُ اعذريني
فأنتِ أدرى بقصدي

تمَكَّنَ الغيظ مني
فكظمُه ليس عِندي

وهدَّني ضِيقُ نفسي
واللومُ ما عاد يُجدي

وبتُّ جَمرَة نار
بُلِيتُ منها بوَقد

فصِرتُ أظلمُ غيري
والظلمُ صِنوُ التعدي

ولم أراجعْ ضمِيراً
ولم أقفْ عند حَدي

ولم يلمني فؤادي
لوماً إلى الخير يَهدي

وأنتِ عاينتِ حالي
ضِداً يُؤدي لضد

ضحِيتي أنتِ دوماً
وأنتِ مِن أهل وُدِّي

والعيشُ كالبحر صِدقاً
ما بين جَزر ومَد

لا حال يبقى طويلاً
حزنٌ يقودُ لسعد

إما استبدتْ رزايا
دَعي حِمى المُستبد

هيا إلى البحر هيا
نحظى بأكل مُعَد

ننأى عَن الضنكِ حتى
نراه أفضى لهَود

عنكِ اطرحي كل ضِيق
قاومتُه كل جُهدي

نستودعُ البحرَ سِراً
لا ننتوي أيَّ عَود

بل نستقيمُ احتساباً
وذاك أبلغ رَد

ولا نُمكِّنُ طيشاً
فالطيشُ أشرسُ قيد

أعطيكِ عهداً أكيداً
إنْ كان يُرضيكِ عهدي

وبعدُ عهدي سأعطي
وعداً ، فأضغي لوَعدي

ألا أذيقكِ عِنداً
وأنتِ تدرين عِندي

فخلي عنكِ انتقادي
وسوف أحبسُ نقدي

بئسَ التعايشُ يُقضى
ما بين بَرق ورَعد

يتيمتي لا تُبالي
أنا الأقاربُ وحدي

حَليلكِ الفذ شهمٌ
يأوي لجنة خُلد

يَهوَى جوارَكِ ، لكنْ
بدون إيقادِ حَرد

أدامَ ربي علينا
عِزاً وبُلغة مَجد

عليكِ ذِكرُ إلهي
ما بين شُكر وحَمد

مناسبة القصيدة

(لا يخلو بيتٌ من المشاكل والقلاقل كما لا تخلو حياة زوجية من الخلافات والمعضلات وتكون الحكمة في حلها لا في الهروب منها ولا في تعقيدها. وزوجُ قصيدتنا الرومانسي اخترعَ حلاً جذرياً موحداً لجميع المشكلات الزوجية ، ألا وهو أن يطلب من زوجته أن تلبس عباءتها وتأخذ سترها الكامل ، ويذهب بها إلى شاطئ البحر في مكان خلوي بعيداً عن العَجماوات الآدمية المُنفلتة من عِقال القيم وإسار الأخلاق ورباط المبادئ. ويأتي بعشاء فاخر تشتهيه ، ويقضيان ما شاء الله تعالى لهما من الوقت ، ثم يعود بها إلى البيت لتستأنف الحياة من جديد وكأن شيئاً لم يكن. ويكون العهد والوعد بأن تكون هذه المشكلة الأخيرة بينهما وهذا الزوج الرومانسي كان صادقاً مع نفسه ، ويعرف كيف يُقيِّم ويقوِّم نفسه جيداً ، ويدرك أنه حاد الطبع وعصبي المزاج ، وفي أغلب خلافاتهما لا تكون الزوجة سبباً مباشراً ، بل منه وفيه العيب والسبب ومن هنا كانت الفسحة البحرية تعبيراً صادقاً عن اعتذاره عن سوء خلقه ، وفي الوقت نفسه هي مكافأة لها على صبرها واحتسابها واستمر الأمر على ذلك سنوات ، إلى أن سألتْه أخته عن سر هذا التصرف العجيب فأجابها بقوله: إن زوجتي يتيمة ، وليس لها أحد غيري كما تعلمين ، فإذا غضبتْ من سوء أخلاقي فإلى من تلجأ؟ وعند من تمكث؟ وإلى من تحكي مأساتها؟ ومن هنا اخترعتُ لها هذا العلاجَ النافعَ الناجع والحمد لله تأتي النتائجُ مُبهرة. حيث تستقيمُ الحياة ، إلى أن تأتي مشكلة أخرى أو موقفٌ آخرُ فنعيدُ الكَرَّة فحاولتُ في هذه القصيدة البسيطة المتواضعة أن أصف اعتذار هذا الزوج الرومانسي الحسَّاس ، بعيداً عن البحر ونسيمه وأمواجه وشاطئه ووجبته والعصير ، وذلك على البحر المجتث وقافية الدال.)
© 2024 - موقع الشعر