يا دار - محمود أحمد العش

يَا دَارُ أَينَ مِنَ الهَوَى التِّرحَالَا
أَينَ الطَّرِيقُ فَقَد لَقِيتُ خَبَالَا

قَد نَالَ قَلبِي مِن هَوَاكِي حَسرَةً
وَالشَّوقُ فَاضَ مِنَ العِيُونِ فَمَالَا

يَا لَيتَ شِعرِي يَومَ غَابَت دَارِي
أَخَذَت فُؤَادِي فَالحَنِينُ وِصَالَا

أَمسَت وَقَد رَحَلَت مِنَ البَطحَاءِ
مِثْلُ الرِّيَاحِ خَرِيفُهَا أَطْلَالَا

حَتَّى الزَّوَايَا مَا وَجَدتُ سَلَامَهَا
مَا عَادَ مِن ذَاكَ الجِدَارُ ظِلَالَا

أَبكِي إِذَا مَا الشَّوْقُ أَوجَعَ مُهجَتِي
وَالذِّكرَيَاتُ تَمُرُّ مَرَّ خَيَالَا

يَا لَيتَنِي مِثلُ الخَيَالِ أَزُورُهَا
أَمشِي إِذَا مَا القَلبُ تَاقَ دَلَالا

وَإِذَا النَّهَارُ مِنَ الظَّلَامِ تَجَلَّى
وَتَقَابَلَت أَروَاحُنَا إِقبَالَا

عَادَ الحَنِينُ مَعَا الرِّيَاحِ تَهُزُّنَا
بَينَ الزَّوَايَا نَرسِمُ الأَوصَالَا

أَوَّاهُ يَا دَارَ الفُؤَادِ وَمَا لَهُ
مِن ذِكْرَيَاتٍ بِالجِدَارِ هِلَالَا

كَيْفَ الْوِصَالُ وَقَد نَأَت عَن مُقلَتِي
بَعدَ النَّوَى صَارَ اللِقَاءُ مُحَالَا

رَاحَت وَمَا ضَلَّت هُنَا يَا قَلبُ
لَا تَسأَلَنَّ فَلَستُ أَدرِي حَالَا

كَيْفَ السُّؤَالُ وَنَحنُ قَد دَمَّرنَهَا
وَدِمَاءُهَا سُفِكَت بِغَيرِ قِتَالَا

أَنَسِيتُهَا أَم تَدَّعِي النِّسيَانَ
فَالدَّهرُ يَشهَدُ وَالعِيُونُ تُزَالَا

بَاتَ اللِقَاءُ مِنَ المُحَالِ وَعَجزَهُ
عَجزَ الحَيَاةِ وَدُونَهَا التِّرحَالَا

جَدِّي هَدَمْنَا دَارَكَ المُهدَاةُ
وَأَحَلنَهَا بَينَ التُّرَابِ تِلَالَا

يَا جَدُّ أَرجُو مِنكَ عَفْوَ سَمَاحَةٍ
يَومَ الْقِيَامَةِ تَكثُرُ الأَهوَالَا

© 2024 - موقع الشعر