تقاسيم على الخفيف يا قدس اصرخي - أحمد علي سليمان

إيهِ يا أقصى ، يا رفيعَ المعالي
لا تُكابدْ مما ترى ، لا تُبالي

فيكَ كم من آهات شهم جريح
ودماءٍ من خلف هذي التلال!

عربد الماسونُ فيك كثيراً
واليهود – حول الرُبا – في احتفال

واستباحوا كل الحرام عليها
واستحلوا أخزى صنوف الضلال

شربوا الخمر ، لم يُراعوا حُدوداً
ثم مَدّوا من بعدُ كف القتال

واستطالوا - بالعُهر - شرقاً وغرباً
في اليمين فسوقهم والشمال

سَخِروا من كل دين وشرع
واستزادوا ، فتاجروا في الجمال

إنهم باعوا الصبايا جهاراً
ليت شعري ، وتاجروا في العِيال

تاجروا في الدعر بين البرايا
وأبادوا في الأرض معنى المعالي

كل صُقع في الأرض يشقى بهُودٍ
إنهم في العيش مثل البغال

ثقلاء مثل الجبال الرواسي
وخزايا مثل الذباب الثقال

دنسوا في الأرض كل نظيفٍ
في البطاح فجورُهم والجبال

قتلوا أقواماً تُصَلي عياناً
رشقوهم بالنار ، يا للنضال!

أمطروهم بالغِل يغلي فيكوي
ثم يُبقي الأبدان رهن النصال

كم لإبراهيم الحنيف صلاة
في سنا المحراب فوق الرمال

أيها الأقصى فدتك دمائي
فتجلدْ لفعل أهل الشمال

حولك الأبطال الذين تراهم
خيرَ أجنادٍ ، ما لهم من مثال

يقذفون الأهوال فوق الخزايا
دون خوفٍ ، من فجرهم للزوال

ليس يَنسى (بُرجَ البراجن) شِبلٌ
(كفرُ قاسمْ) يا هودُ في كل بال

أشعِلوها ، والحق فوق الأعادي
والدماءُ تشد عزم الرجال

سوف تغدو هذي الحجارة ناراً
تتهادى من فوقكم في دلال

تُرْجع الحق المستضام ، وتُعْلي
راية التوحيد رغم النكال

وترد - للنور - كل اعتبار
وتذيق اليهودَ كأس الوبال

لا تخافُ الأعداءَ مهما استبدوا
واستطالوا في القول ، أو في الفعال

لا تخافُ الأسْدُ الأبية هِراً
سيموت إن حان وقت النزال

أتخاف العقبان يوماً ذباباً
في الدنايا يمد أنف الوصال؟

أيخاف الشاهينُ وخز بعوض؟
لا أرى ما كتبتُه بسؤال

إنما هذي صحوة ستعيدُ
كل مسلوب ، ليس ذا بخيال

إيهِ يا قدس ، قد بكيتِ كثيراً
ليس نصرُ أبطالنا بالمُحال

فاستعيني بالله ، لا تتوانيْ
واصرخي يا قدس فيمن يُمالي

خبّري الكفار أنا ليوثٌ
نبذل الروحَ في سبيل المعالي

في سبيل التوحيد نحن نضحّي
بنفوس والأهل ، ثم بمال

نشتري - عند المليك - جناناً
حَسُنتْ في الوصف ، ثم الخصال

ثم فيها ما لم تراه عيونٌ
إنها غاياتٌ سمتْ في الكمال

رب قد أرخصنا زكيّ دمانا
فتقبّلْ ، يا رب يا ذا الجلال

رب لقنْ منا اليهود دروساً
فهواهم يجتاح كل مجال

دمّرونا بالمدفعية دهراً
ما لدينا يا رب غير النبال

ما لدينا غير الصخور سلاحاً
وفريقٌ سلاحُه من حبال

ذبّحونا ، وأنت يا رب أدرى
فانتصرْ منهم ، يا شديد المِحال

مناسبة القصيدة

(الحديث عن القدس وبيت المقدس والمسجد الأقصى شعراً كان أو نثراً لا يُمل كتابة ولا سماعاً. إنها جوهرة ديار الإسلام بعد مكة كرمها الله والمدينة على منوّرها الصلاة والسلام. واخترتُ قدَرا البحر الخفيف لأصوغ عليه قصيدتي التي أهديها للقدس. وأعنون لها بـ (يا قدس اصرخي). إنني كتبتُ عن فلسطين وأهلها من الموحدين الأشاوس قصائد كثيرة حتى ليظن البعض أنني من أهل فلسطين فيكون تعليقي: هذا شرف لا أدّعيه ، وفخر كنت أرجوه ، ومنقبة أشبه ما تكون بالأمنية! وكان الهدف من هذه القصائد أن أذكّر القراء بقضيتنا مع أعداء الله تعالى من أهل الصليب والتلمود في زحمة الأحداث والمتغيرات والمعتركات التي تلوكنا. ألا إن طوفان الباطل لا يمكن أبداً أن يغرق الحق وأهله ، وإنها سُنة الله تعالى في خلقه وأرضه ودنيا الناس أن الحنيفية السمحة ينصرها الله بأيدي أهلها: (قاتلوهم يعذبهمُ الله بأيديكم ويُخزهم وينصركم عليهم ويشف صدور قوم مؤمنين ويُذهب غيظ قلوبهم ويتوب الله على من يشاء والله عليمٌ حكيم). ولا شك أن ليل الهزيمة قد طال ، وطالت معه الشجون والمحن والآلام التي يصبها الكفار وأهل الضلال والمشركون من اليهود الصهاينة والصليبيين والمنافقين ممن يدعون الإسلام ظاهراً ويُبطنون الكفر ، وقد رويتِ الأرض بما أزعم أن فيه الكفاية من دماء أهل الإيمان والتوحيد: إنْ في أرض فلسطين الباسلة المجاهدة دُرة الديار العربية وجوهرة ديار المسلمين (بعد مكة والمدينة) ، وإنْ في الصومال أو البوسنة أو في كشمير أو في الهند على أيدي الهندوس الوثنيين المشركين عُبّاد البقر والأصنام والأوثان ، وإن في أريتريا وغير ذلك من البلاد والديار. وتنهمر الدموع أكثر على القدس والأقصى السليب. ومن هذا المنطلق رحتُ أناجي أرض البطولات ومهبط الديانات وأولى القبلتين وثالث الحرمين ومسرى النبي محمد – صلى الله عليه وسلم – وأقول: يا قدس اصرخي ، وأعزي الأقصى في الذي يحدث وأذر الشذى على من رزق الشهادة مؤمناً من الموحدين هناك ومن ينتظرها من أهل التوحيد ، وأبتهل إلى الله العزيز الغالب القدير الجبار الذي لا يُغلب والقهار الذي خضعت له كل المخلوقات طوعاً وكرهاً والمعز المنتقم أن ينتقم وينتصر لأهل الحنيفية السمحة والملة التوحيدية الإبراهيمية انتصاراً عاجلاً من أحفاد القردة والخنازير وعبد الطاغوت وقتلة الأنبياء والرسل ومن حرّفوا كلام الله وكتبه ومن نسبوا إلى الله الصاحبة والولد.
© 2024 - موقع الشعر