اكتشاف الخليل للبحور - أحمد علي سليمان

شاد الخليلُ - من الأشعار - أوزانا
وكان رائدُه - في الصنع - قرآنا

لم يخترعْها ، ولكنْ كان مُكتشفاً
أمسى الذكاء - لهذا الفذ - عنوانا

لمّا رأى الضادَ مثلَ البحر زاخرة
رمى الشباكَ ، وصادَ الشهمُ مَرجانا

وفي تصوره ماسَ القريضُ هوىً
ومدّ كفاً - ببذل الشكر - عِرفانا

حتى وجدْنا بحورَ الشعر ضاحكة
تُزجي الحُبورَ ، لمن يريدُ برهانا

أما الخليل فقد أهدى مباحثه
وخط – للشعر - أشراطاً وميزانا

ومَهّد الدرب – للباغين - تبصرة
ومن يروْن - لنسج الشعر - حُسبانا

حتى إذا نقش الشُعرا قصائدَهم
حاز الخليلُ - من الأجور - قربانا

كذا القريض مدينٌ للخليل ، وما
أدى ، وقد يُثقَل المدينُ أحيانا

تدارك (الأخفشُ) الخليلَ محتملاً
لومُ النحاة ، وقد أتم نقصانا

لأنه اكتشف (الحديث) مختبئاً
بذا أتم - لشعر العُرْب - بنيانا

إن العَروض من القريض سُؤدَدهُ
لعلمه أصبحا – والله - صِنوانا

وليس شعرٌ بلا وزن وقافيةٍ
كيلا نخرّب أذواقاً وأذهانا

تفعيلة الشعر قد ضاقَ القريضُ بها
(وشعرُ تفعيلة) الجُهّال أخزانا

كفي هُراءً وتغريباً وحَذلقة
يا قومَنا أتْقنوا القريضَ إتقانا

مناسبة القصيدة

(كثير من الناس يظنون أن الخليل بن أحمد الفراهيدي قد اخترع بحور الشعر. وهذا محض خطأ. والصواب أنه اكتشفها في شعر العرب وقد قمت بتفصيل ذلك في مقدمة قصيدة (اللاشعر المتفلت). واليوم أبين الحقيقة ، وأهدي الخليل قصيدتي هذه التي تحمل عنوان: (اكتشاف الخليل). وربي المستعان. وأذكر هنا ما أورده صاحب (ميزان الذهب في صناعة شعر العرب) الأستاذ السيد أحمد الهاشمي ، نقلاً عن الخليل بن أحمد نظمه لبحور الشعر العربى شعراً (بالتفعيلة والشواهد القرآنية والشعر). ويكون ذلك مني بمثابة المفتاح لكل مبتدئ والتذكرة لكل متقن: نعم نوردها هنا للفائدة من جهة ، ومن جهة أخرى لنثبت أن القرآن قد حوى كل شئ! وصدق ابن مسعود: (لو ضاع مني عقال بعير لوجدته في كتاب الله!) نظم الشهاب أوزان البحور الستة عشر السابقة!
© 2024 - موقع الشعر