وصية أب حكيم - الوصايا - أحمد علي سليمان

بُنيَ استمعْ للكلام العطرْ
وأنصتْ لسِحر البيان النضِرْ

وصايا تزيدُك بين الورى
سُمواً ، فتُمسِي بها تفتخِر

ونوراً يُضيئ دُروبَ الفتى
ويَصرفه عن مَهاوي الضرر

بنيَ اتق الله ، لا تجترئْ
عليهِ ، فتحيا رهينَ الخطر

وأخلصْ - له الدينَ - مُستعصماً
بحبل الشريعة ، كي تنتصر

وأذعنْ لما قاله المصطفى
ودونك سُنته والأثر

ولا تنتهجْ غيرَ مِنهاجه
كما يفعلُ اليوم أشقى البشر

وكنْ - في حياتك - مسترشداً
إذا رُمت ما تشتهي فاستشر

وكنْ رجُلاً يُستدَلّ به
إذا ما ادلهمتْ صُنوفُ الغِيَر

وسِرْ في الطريق نقيّ الخطا
حثيث المَسير غضيضَ البصر

وصاحبْ تقياً له همة
ليَحملَ – عنك - الأسى والضجر

وأحسنْ إلى الناس ، واعْص الهوى
وإما اعتراك الخَطا ، فاعتذر

ولا تطع النفسَ إن أسرفتْ
فأنت - إلى ردعها - مفتقر

ولا تطعن الصِّيدَ أهلَ التقى
بلفظٍ بذئ ولفظٍ قذر

ولا تنتقصْ جُهدَ مَن أحسنوا
وعِلمَ المَغاوير لا تحتقر

ولا تكُ - في الناس - مستكبراً
تحب الغرور ، وتهوى البطر

ولا تحقدنّ على مُوسِرٍ
فإن الحقود عديمُ النظر

ولا تلتمسْ - مِن خؤون - وَفا
ولازمْ - من الخائنينَ - الحَذر

ولا تلبسنّ ثيابَ المِرا
فليس اللبيبُ به ينبهر

ولا تتزلفْ لمن عربدوا
فأهلُ التزلفِ بئس الزمر

ولا ترجُ - من مُبطل - خدمة
وهل مبطلٌ لك يقضى الوطر؟

ولا تقترفْ جهرة زلة
تُحيطك - بالعار - طول العمُر

ولا تمتدحْ مُفسداً ساقطاً
ومما يُصيبُ القطيعَ اعتبر

ولا تُطرِ عبداً رَقيعاً غوى
فجُرمُ الغواية لا يُغتفر

ولا تكذبنّ ، ولو مازحاً
فبالكِذب كم غايةٍ تندحر

وسَلمْ لربّك أمرَ القضا
ألا وتقبّلْ صنيعَ القدر

بُنيّ نصحتك ، كُنْ واعياً
فنفذ وصاتي ، لكي تبتشر

أريدك سِلماً لأحبابنا
إذا أظلم العيشُ كنت القمر

وناراً على المُعتدي سُعّرتْ
وجمراً على مَن بغى ينصهر

أريدك بالحق مستمسكاً
يُرَجّعُ - في الليل - عذبَ السور

ويشكو عذاباتِ إفراطه
ويبكي إذا آلمته العِبَر

ويُعطى المساكينَ أمواله
ليحتسبَ الأجرَ ، أو يَدّخِر

ويعفو ويصفحُ عمن أسا
ءَ ، وإنْ يُبتلى بالغثا والغجَر

يُقيمُ الصلاة على وقتها
ويُؤتي الزكاة بربْع العُشُر

وشهر الصيام له شاهدٌ
يصوم كما الله ربي أمر

ويحرصُ دوماً على حَجّه
إذا ما استطاع ، وإلا اعتمر

بُني أطلت الوصاة التي
سَطرْتُ بدمعي لكي تفتكر

فلا تنسني مِن جَميل الدعا
وردّ الجَميل الدعاء العطر

جزاك المهيمن جناته
وزحْزحْتَ - يومَ الجزا - عن سَقر

مناسبة القصيدة

وصية أب حكيم (أوصى أب حكيم ابنه مجموعة من الوصايا ، فصغتها شعراً من البحر المتقارب وقافية الراء الساكنة ، وقد قام المنشد الإماراتي المحترم الأستاذ / إبراهيم بن صالح الهاجري – حفظه الله – بإنشادها ضمن مجموعته الإنشادية الأولى: (رسول الله) ، والتي صدرت أخيراً في دبي. وقد أعلمني بإعجابه بالقصيدتين: (الوصايا – رسول الله) واللتين هما من شعري ، كما أنه استأذنني في إنشادهما بدون استخدام الموسيقى. وقام بإجزال العطاء لي ، فأكرمه الله كما أكرمني. وإنني أشكر له صنيعه هذا. وأسأل الله أن يُخلف عليه. وأشير هنا إلى أن الرجل التزم النص فلم يُغير ولم يبدل كما أنه سجل اسم الشاعر كاملاً على الأسطوانة. ولم يكن كالمنشدين الناحلين الذين يسطون على الأشعار فلا يستأذنون أصحابها. ويغيّرون النص على غير مراد صاحبه. كما أنهم يزيدون حبّات الطين بلة عندما لا يكتبون اسم الشاعر على غلاف الشريط أو يكتبونه مُحرّفاً مَبتوراً. كما حدث لقصدتنا (عطر الجوى) التي أنشدها أحمد أبو خاطر فغيّر العنوان إلى: (نسيم الشوق) ليس هذا فقط! بل قدّم وأخر في الأبيات على هواه أو على هوى الناحل الذي أعدّها له إعداداً مختلفاً تماماً! ليس هذا فقط ، بل كتب على الغلاف هناك في أسطوانة (دعني) اسم الشاعر مُحرّفا لدرجة أنه يتبادر إلى الأذهان أنه يختلف عن اسم شاعرها الأصلي! فبدلاً من أن يكتب اسم الشاعر: (أحمد علي سليمان عبد الرحيم) وهذا حقي الأدبي والأخلاقي والشرعي! مادمت قد كتبتها فعلاً ، وصدرت لي في ديوان اسمه: (نهاية الطريق) برقم إيداع بفسح طباعي وإفراج بالتداول صادر من وزارة الإعلام بدبي! وعندما علمتُ بذلك اتصلتُ به مباشرة ، وأخذ يمتدح القصيدة وشاعرها! فقلتُ له: ما لهذا اتصلتُ بك! إنما أردتُ حقي! فإذا به يقول: أنا أعطي أي شاعر ألف درهم على أي قصيدة! فقلتُ له مُستهجناً ألفه ثمناً لإنشاد القصيدة: حظك أنك منشد إسلامي ، وأقسمتُ له أنه لو كان من المُغنيين الجاهليين المعاصرين لمَا تركتُ الأمرَ هكذا أبداً! وقلتُ له مُشفقاً حيث بدا لي أنني أحرجته: لا بأس اعتبر هذا أول عمل بيننا واجعله على سبيل الهدية أو عربون التعامل - بهذا التعبير – بشرط أن تأخذ غيرها من القصائد وتنشد ، وساعتها نتفق كما أتفق مع الهاجري!
© 2024 - موقع الشعر