الزاهية تحدثنا عن نفسها أبوريت غنائي - أحمد علي سليمان

الزاهية
تقول

أنا البقعة الحُلوة الغانية
لذلك سُمّيتُ بالزاهية

جمالُ الطبيعة في واحتي
يُداعبُ أبصارَنا الزاكية

ففي كل ركن أعاجيبُه
تغرّد مَحبورة ساجية

وفي كل درب بدتْ آية
تسامرُها الأنفسُ الواعية

وأنظمتي الناشراتُ الضيا
تُضيءُ دروبَ الورى الداجية

لكل نظام ثقافاته
وأهدافه الفذة السامية

وكل الضيوف رأوْا بيئتي
مِن الزرع والطير والماشية

ورحبتُ بالكل ، أمْتعتهم
وجُدْتُ بأفكاريَ الزاكية

النظام البيئي الأول
(البرْكة التعليمية)

البركة تكرمُ زائرها
وتغني أعذبَ سامرها

ترحيباً بالأضياف أتوْا
واسمعْ لأغاني طائرها

ونباتات ترقصُ طرَباً
وتسلي خاطرَ شاعرها

وطريقُ الغاف يُظللها
والماء يطيبُ لناظرها

وعلى الأشجار عصافيرٌ
أعجز عن وصف مَآثرها

ولها أصواتٌ شادية
تخرجُ من جوف حناجرها

وبأودية الصبّار صدىً
يحكي ترديد خواطرها

والجلسة في الوادي انخفضتْ
تختالُ بعذب مناظرها

النظام البيئي الثاني
(ساحة الإنصات)

أنا للضيف أرتقبُ
أنا أمٌ له وأبُ

مغاني (ساحة الإنصا
تِ) تمنحُ مَن له طلب

وتهدي الضيفَ راحته
فلا يبقى به نصب

وعندي ينصتُ الكُرَما
إذا ما بعضهم عتبوا

وعندي يكتبُ الشرفا
وعندي تقرأ الكتب

هدوءٌ لا ضجيجَ به
ولا فوضى ، ولا صخب

سلوا الضِيفان كم سعدوا؟
وكم قالوا؟ وكم لعبوا؟

لأني (ساحة الإنصا
تِ) عندي السمعُ يُطلب

النظام البيئي الثالث
(النفق الضيق)

(النفق الضيق) يدعوكم
ويصافحُكم ، ويصافيكم

لا تخشوْا بأسَ تعرّجه
هذا التعريجُ يُسليكم

(أحواضُ الخضرة) يانعة
بجميل الشكل تحيّيكم

و(البيت الأخضر) بهجته
ببهاء الخضرة تشجيكم

وشذى الأزهار يُعطركم
وعبيرُ الورد يناجيكم

لا شيء يفوقُ تميّزنا
ونرى إشراقتنا فيكم

والصباريات شهودٌ
أنا معجزة ببَواديكم

والإصطبلُ ظريف المَرآى
والخيلُ عَراقة ماضيكم

النظام البيئي الرابع
(المتاهة)

أنا (المتاهة) عندي يذهبُ الشجنُ
والهمّ والغمّ والآلامُ والحَزَنُ

ومَن يزرني يجدْ عُقبى زيارته
مَسرة فألها مستبشرٌ حَسن

عندي من اللعِب البريء أعذبُه
وليس يَسقمُ - في المتاهة - البدن

عندي الملاهي ، فللترفيه حِصته
وكل فردٍ بما يأتيه مُرتهن

وسائلوا زمرَ الخِلان كم طربوا
من البلابل ، كلٌ تحته فنن

واستعذبوا شدوَها ، وردّدُوه معاً
كأنما الجمعُ بالأنغام مُفتتن

أنا (المتاهة) ، والأضيافُ تعرفني
وباحتي للذي يزورني وطن

سلوا الإطاراتِ في مداخلي رُصدتْ
بديعُ حسن سيُعلي ذِكرَه الزمن

النظام البيئي الخامس
(بيت الشجرة)

أنا يا سادة (بيتُ الشجرةْ)
فوق الغافة هذي الخضِرةْ

والغافة تحملني طوعاً
مِن فوق الأغصان العشرة

والطلعة فوقي هينة
وسْعَ الطاقة ، ليست خطِرة

أنا بيتٌ أسسني قومٌ
عندهُمُ هممٌ مُعتبرة

مشدودُ الأطناب ، ويكفي
أنْ ليستْ تدخلني حشرة

أنا بيت يطربُ زائره
إذ يُبصرُ طرقاً مبتكرة

ويَحارُ العقلُ لرؤيتها
أيقام البيت على شجرة؟

لا يُغني قولٌ عن رؤيا
وأنا معرفة لا نكرة

النظام البيئي السادس
(مطار الهيلوكوبتر)

(المطار) فوق الروابي تسامى
مستطيباً لِقا الضيوف النشامى

ليت شِعرى ، والمَروحيات تترى
في دلال يزيدُهن انسجاما

سيتم البناءُ يوماً ، وينمو
كالنبات المغروس إذ يتنامى

أرضُ هذا المطار أعلى ارتفاعاً
وهْو - بين الرياض - أرقى مقاما

إنه عنوانُ الحضارة قطعاً
وعليه العمران في الأرض قاما

ربوة منها كل شيء تبدّى
والمطار – حقاً – يُعد نِظاما

تبصر العين الزرعَ والطيرَ منه
والغزالَ – إما عدا - والنعاما

والخيولَ في اصطبلها ، والمطايا
والممراتِ والرُبا والحَماما

النظام البيئي السابع
(بيوت الحيوانات)

وأنا النظام التربوي السابعُ
عندي العلوم منهج وطابعُ

والكائنات فوق أرضي أكرمتْ
وعيشُها مستملحٌ وماتع

من كل صنفٍ في الدنا وبيئةٍ
والصيتُ - في أهل الديار - ذائع

أهدي الضيوفَ العلمَ واضحاً
عن كل ما حويتُ ، والدليل قاطع

وما الحياة إن قلتْ علومَها؟
العلمُ للحياة نجمٌ ساطع

وفرْتُ للدواب ما تريده
والمَشهدُ البيئيّ فيّ رائع

فعاودوا زيارتي لكي تروْا
عجائبَ الدنا ، والعَودُ نافع

واستلهموا الدروسَ ، ثم دوّنوا
إن لم يكن هناك مانع

النظام البيئي الثامن
(منطقة الطاقة)

وأنا منار الطاقة المتجددة
بالعلم فقت الكل ، صرت السيدة

وسلوا جميع الناس عن منظومتي
تجدوا مجالاتي غدت متفردة

إني لأنصحُكم ، وأرجو نفعكم
فأقول ، لستُ على الورى متزيدة

استهلكوا طاقاتكم بتعقل
لتزيد إن كانت بكم مترشدة

في بيئةٍ أولى بأغلب أهلها
أن يُحْسنوا للطاقة المتجددة

حتى تمهد للريادة والعُلا
وتكونَ من رب الأنام مؤيدة

الطاقة المفتاحُ إن هيَ رُشدتْ
كيلا تكون – مدى الزمان - مبددة

أوَلم يقل رب الورى: لا تسرفوا
وأنا أرى الإسرافَ أعظمَ مفسدة

النظام البيئي التاسع
(المشتل التعليمي)

وأنا المَشتلُ في طيّاتي
كم تترنح مِن شتلاتِ

ذات يمين ، ذات شمال
وفقاً لظريف النغمات

وورودٌ تحضنُ أزهاراً
وشذاها يهدي النفحات

وفسائلُ تأسِرُ ناظرها
فيطيلُ إليها النظرات

لا تشبه واحدة أخرى
فلكلٍ مختلفُ سِمات

ونظامٌ بيئيٌ يعطي
طولَ العُمر وعذبَ حياة

والصوْبات هنا شاهدة
أن زمان المَشتل آت

زوروا المشتل ليزوّدكم
بالفحوى والمعلومات

تحية الضيوف للزاهية
ودعاؤهم لها

واحة دفتْ بآيات الجمالْ
وبها (عجمان) تزهو في اختيالْ

تنشر العلمَ ، وتقري أهله
مَن رآها قال: ما هذا الخيال؟

قِبلة الكُتاب إما سطروا
في بديع الصنع ديباجَ المَقال

مَحضن الصناع إما قدّموا
كل تطوير على غير مِثال

ربنا احفظها ، وأكرمْ شأنها
كي يراها الكل في أسمى كمال

ربنا وانفع بها مَن زارها
من ذوي الإبداع في كل مجال

أنت يا رباه أولى بالدعا
وأرانا قد أطلنا الابتهال

مَن سواك اليوم ندعو ربنا
خابَ مَن يدعو سِوى رب الجلال

مناسبة القصيدة

الزاهية تحَدثنا عن نفسها (أنشدت هذه الملحمة الشعرية عن (الزاهية) وعن أنظمتها العلمية التربوية التسعة ، مشيداً بجمالها ومعجباً بطبيعتها الخلابة ومناظرها البديعة ، بعد زيارة لها في شتاء 2014م. أما الزاهية فهي أشبه ما تكون بالواحة الطبيعية الظليلة في منطقة (الحليو) بعجمان ، وربما تكون هذه البقعة من أجمل مناطقها وبقاعها على الإطلاق! ويوجد فيها تسعة أنظمة بيئية مختلفة. وكل نظام يشكل بيئة تعليمية متكاملة في ذاته. وتلك البيئة تتوفر فيها استراحة متعددة الأغراض. ويستطيع الزائرون من أرباب الفنون والحِرف أن يضيفوا إليها من الابتكارات ما يجعلها أجمل وأجمل ، فهي بذاتها تقبل التطوير والتجديد ومُواكبة العصر ومُحاكاة الماضي في آن واحد! وعلى هذا فالمهندس يستفيد منها ، وكذلك الأديب والشاعر والكاتب والمعماري والفيلسوف والمفكّر والداعية وغيرهم. وبعد سعادتي بالزيارة التي استمرت قرابة الساعتين ، كانت هذه القصيدة ترجمة وانعكاسا لها. وكنتُ تخيلتُ الزاهية تكلمنا عن نفسها وعن أنظمتها التسعة ، ثم عدلتُ عن ذلك لأجعل الزاهية تتصدرُ الكل وتتحفنا بأبيات ثمانية عن نفسها ، ثم يأتي دور كل نظام ليتحدث عن نفسه: وصفاً وترحيباً ووصية ، في ثمانية أبيات تتفرد في قافيتها وبحرها ووزنها عن غيره من الأنظمة. ثم يأتي دور الضيوف الذين يقومون بدورهم بالترحيب بالزاهية ويدعون لها ، الأمر الذي جعل الأبيات تبلغ الـ 88 بيتاً! وهذا العمل الفني بحاجة ماسة لمن يتبناه ويجعله في قالب إنشادي بديع يبين قيمة (الزاهية) العلمية والتربوية!
© 2024 - موقع الشعر