لسمائه الأخرى يعود

لـ سيد محمد عبدالرازق، ، في الغزل والوصف، 2، آخر تحديث

لسمائه الأخرى يعود - سيد محمد عبدالرازق

هذا الفَتَى العُلْوِيُّ عانقَ طِينَهْ
مُذْ أنبتَتْ أوجاعُهُ يقطِينَهْ

يمشِي على ماءِ النبوءَةِ، كلَّمَا
لاحتْ لهُ نارٌ أدارَ سفينَهْ

ألقاهُ شكٌّ مَا لشاطِئِهِ الذي
مِن فلسَفَاتِ الرَّملِ صاغَ يقينَهْ

عريانَ، إلَّا مِن حقيبةِ حزنِهِ
عبرَ الغيابَ مدينةً فمدينةْ

ومَضَى يُقَطِّرُ عمرَهُ (نوستَالْجِيا)
حتَّى أراقَ من الحنينِ وَتِينَهْ

عيناهُ ترجمةٌ لأوَّلِ عابِرٍ
هَرمَتْ خُطَاهُ ولا تزالُ سجينَةْ

لا حبرَ يكتُبُها، فملمحُ زُرقَةٍ
يكفِي لِينقُشَ في الغريبِ حنينَهْ

أيَّامُهُ عَبَراتُهُ، فكأنَّمَا
مقدارُ ما يبكِي يريقُ سنينَهْ

يهفو إلى الشطآنِ تحملُ طينَهُ
فيباشِرُ البحرُ القديمُ عجينَهْ

وتبدِّلُ الأمواجُ نكهةَ دمعِهِ
ويتبِّلُ الملحُ النبيلُ أنينَهْ

كانتْ لهُ امرأةٌ تُحَلِّلُ ماءَهُ
لِتعيدَ فوقَ ضلوعِها تكوينَهْ

صحراؤُها خدعتْ خُطَى قِدِّيسِهِ
حتَّى تُعَمِّدَ بالهجيرِ مَعِينَهْ

ضَجِرٌ من الأرضِيِّ يسكنُهُ، رأَى
فيهَا سماءً ما تَمَسُّ جبينَهْ

أهدَى لهَا الأسماءَ، نفخةَ روحِهِ،
جنَّاتِهِ، أضلَاعَهُ، (جِبْرِينَ) هْ

وغَدَا تمزِّقهُ الجهاتُ، فلا يرَى
وطنًا سوى مَن أتقنتْ تلقينَهْ

والماءُ يُدمِنُ الانعكاسَ، فكلمَّا
مرَّتْ بهِ الفُرشاةُ بَدَّلَ دِينَهْ

بَدَأَتْ بهِ الأعرافُ حَيرةَ نسلِها
فلِأَيِّ ناريْها تقودُ يمينَهْ

عبرَتْ إليهِ مِن الخيالِ حقيقةً
ليظلَّ في الوهمِ / اليقينِ رهينَةْ

لمْ تبتديءْ سِفْرًا يُخَلِّدُ ذكرَهَا
إلَّا تعمَّدَ وحيُهَا تضمِينَهْ

كمْ سورةً تكفِي لتذبحَ عاشِقًا
وبأيِّ ربٍّ أقنعتْ سِكِّينَهْ

لا تَقسِمِي للرِّيحِ خُبزَ رمادِهِ
البحرُ أولَى أنْ يضمَّ جنينَهْ

فدَعِيهِ للأمواجِ تُكملْ نقشَهُ
في شطِّها كي نَقتَفِي تدوينَهْ

الرملُ أوفَى ما يكونُ مُؤَرِّخًا
والماءُ أصدقُ ما يكونُ قرينَةْ

© 2024 - موقع الشعر