وجاء دور الارتجال - أحمد علي سليمان

مِن الله التفضلُ ، والعطاءُ
على عبدٍ بضاعته الدعاءُ

لجأتُ له ، فحققَ أمنياتي
ولم تخِب الظنونُ ، ولا الرجاء

دعوتُ بحُرقةٍ ، وبذلتُ دمعي
وبللَ - ما جأرتُ به - البكاء

ورب الناس قلدني المعالي
وإن الله يفعلُ ما يشاء

ألان ليَ البيانَ ، فقلت: شعري
تُشيّعه المودة والصفاء

وما كنتُ ارتجلتُ طوال عمري
ومِن أهل الخِداع أنا براء

وما أنجزت أمراً بارتجال
وتمقته الإجادة والذكاء

وما أدليتُ - في التلفيق - دلوي
فليس - لأي تلفيق - بقاء

ستنكشفُ الحقيقة للبرايا
فما - لحقيقةٍ أبداً - خفاء

ألا إني ارتجلتُ ، ولي اجتهادي
وأحرجني التكلف والثناء

وأدركُ قدرتي وقصور نظمي
وعيبي - لا يغطيه - المِراء

وما من شاعر إلا سيفنى
ويذهب - بالذي كتب - الفناء

وتبقى فكرة صدقتْ وصحّتْ
بها - وسط الدياجر - يُستضاء

وتبقى قيمة تدعو لخير
لها - بين الأماجد - أولياء

ويبقى النصحُ - في الأشعار - عَفاً
وأربابُ النصائح أسوياء

ويبقى الأمر – بالمعروف - دَيْناً
يؤديه الأباة الأتقياء

وقد ناصحتُ - بالأشعار - قومي
وناوأ ما أقول الأغبياء

وناولتُ القريض سنا حياتي
فأغرته التجارب والسناء

وسجلت الدروس لكل جيل
تُجندله الدغاول والشقاء

ولم أكتم - يمينَ الله - علماً
فكتمُ العلم يتبعه البلاء

ولم أبخل بنهي عن فسادٍ
ولم يزر القصائدَ الافتراء

سموْتُ بهن عن إفكٍ وزور
أنا - للشعر إذ يسمو - الفداء

ولم أقبل بتدليس القضايا
فلم يتخلل الشعرَ الهُراء

وما طوّعتُ شعري للطواغي
وإنْ هم - بالخيور إليّ - جاؤوا

وما نافقتُ زيداً أو عُمَيراً
فما - في القلب - غشٌ أو رياء

وما تاجرتُ – بالأشعار - أرجو
بها دنيا يتيه - بها - الغثاء

وما سخرتُ شعري في المعاصي
كما ينحو الرعاعُ الأشقياء

وما شببتُ في حُسن الصبايا
كما يأتي الغواة الأدعياء

وما غازلتُ (ليلى) ، أو زنابى
ولم تعبث – بأشعاري - النساء

وما عبّدتُ - للأوطان - قومي
كما الأصنام تلك ، هما سواء

وما أسرفتُ - في التدشين - يُزري
بشعر جُلّ مطمحه ارتقاء

وما جاملتُ - بالأشعار - وضعاً
تقهقر حيث قِبلتُه الوراء

وناصرتُ الحقائق أجتبيها
وكان – لها - المضا والكبرياء

وطرزتُ القصائد وفق نظم
إليهِ - في الجمال - الإنتهاء

وقلدتُ القريضَ جُمان لفظي
فكان له - إلى الحُسن - الولاء

وكنتُ قد انتقيتُ له المعاني
فطاب - بذي المقاصد - الانتقاء

وكنتُ قد اصطفيتُ – له - المجاني
فطاب - لمن تذوق - الاصطفاء

وأشكر ربنا أن طاب شعري
لتال ، والودادُ هو البهاء

© 2024 - موقع الشعر