هل لكِ إلى خير؟ (أبو محجن مع سلمى) - أحمد علي سليمان

حنانيك هذا منتهى الجُود يا سَلمى
لقد كان للظمآن هذا السَخا كالمَا

تفضلتِ حتى قِيل: أكرمُ من حبتْ
وجُدت بمعروفٍ به تُقشعُ الغمى

وإني لممنونٌ لبذل عقيلةٍ
أرى بذلها - فيما أصارعُه - غنما

ولستُ بمعذور ينجّيه عذرُه
لأشرب خمري ، ثم أوسعها ذمّا

وأجلدُ مراتٍ ، ولستُ بمنتهٍ
ألا إن هذي خيبة مُرّة عظمى

وما الخمرُ إن لاقت إرادة مؤمن
يعفّ عن السوآى ، ويستهجن الإثما؟

ويبلغ - بالطاعات - بُحبوحة المُنى
وإن لم يحُز مالاً ، وإن لم ينلْ عِلما

ولكنني أسلمتُ نفسي قلادتي
فلم أدر كيفاً للضياع ولا كَّما

فتاهت - على درب السقوط - مطامحي
ونلتُ - بعصياني - ثلاثية الأسما

جبانٌ وعِربيدٌ ومُدمنُ خمرةٍ
ويَحقرني قومي ، وأحتقرُ القوما

وكنتُ نبيلَ الصِيت قلباً وقالباً
وإن لم يُرحْ صِيتي ثقيفاً ولا لخما

وعِشتُ كريمَ الأصل ، أطري قبيلتي
وأرتصدُ الأمجادَ والهيبة الشما

ولكنّ شربي الخمرَ أزرى بمَحتِدِي
وجرّعني الإذلالَ والخِزيَ والهمّا

ويشهدُ ربي أنني جدّ فارسٍ
سبرتُ القنا كي أسحق العُرْب والعُجْما

فلستُ أخاف الطعن في الحرب إن زكتْ
وأحملُ سيفي ، ثم استصحب السهما

وأغدو إلى الهيجاء ، والنصر غايتي
وكم بالقتال الشهم حُققتْ نعمى

وأبذلُ روحي في سبيل عقيدتي
وأمسي شهيداً كَلمُه - ساجماً - يَدْمى

ولقبني الأحبابُ ليثاً غضنفراً
يثورُ ، ولا يخشى ، ويفترسُ البَهما

ولكنّ (سعداً) قيّدَ الليث ريثما
يعودُ فيُوفيهِ العقوبة مُغتمّا

وأبقى بعيداً عن قتال يَشوقني
ويغمرني حُباً ، وأغمرُه حَسما

ويَسخر مني القيدُ يكوي عزيمتي
وقلبي بعِشق الحرب ممتلئٌ عزما

فرفقاً لمَا ألقى ، وكوني رحيمة
وخلي سبيلي ، بُئتِ - بالفوز – يا سلمى

وفكي قيودي ، إنني لا أطيقها
فكم حطمتْ توقي - إلى عزتي - حَطما

وجُرّي ليَ (البلقاء) ، خلي وثاقها
لألحق مَن ساروا ، وأشكمَها شكما

فإن عُدت - مِن ساح الجهاد - أعيدُها
ولستُ أقولُ الزيفَ ، أو أزعم الزعما

وأرجعُ للقيد الذي كان في يدي
ورجلي ، بلا لؤمٍ ، وأنا أمقتُ اللؤما

وأقلعُ عن خمر وسُكْر ومُسْكِر
وأكتمُ عن (سلمى) الذي أحدثتْ كتما

وإن مِت في حربي ، فسري مُغيّبٌ
وأمري إلى المولى الذي يغفر الجُرما

ووافقتِ يا (سلمى) ، وحققتِ مأملي
وفي حاجتي كنتِ الوفيّة والأمّا

وكان الذي أرجو ، ويرجو جوادُه
ولم يَشمت الأعداءُ فيها ولا الدَّهما

وتبتُ ، وسعدٌ لم يُنفذ وعيدَهُ
وعن عين مخدوع قد انقشعتْ ظلما

فبوركْتِ يا (سَلمى) ، وأدخِلتِ جنة
وجُوزيتِ يا أخت الهُدى المَربحَ الجَمّا

© 2024 - موقع الشعر