هكذا يكون العتاب - أحمد علي سليمان

ما لي أراها لا تصيخ لصرختي؟
أم أنني أصلى بنار محبتي؟

هي لا تبالي إن صرختُ وإن علتْ
قلبي الهمومُ ، وثم كل قريحتي

هي لا تجيب الحق دوماً والهُدى
إلا بكل تثاقل ، وتعنّت

هي لا تذكّر بالإله وشرعه
بلْ لا تعين على أذىً وتشتت

يا قلب فابك على الحبيب وعهده
وابك الخديعة في مهاوي غربتي

قلبي المعذبَ ، إن من أحببتها
قتلتك ، لم تصقلْ شِفار القِتلة

فاكظمْ على الأيام غيظك ، لا تقلْ
أحببتها ، يا قلب ، واحقن دمعتي

فالصدق في أيامنا أسطورةٌ
مقهورة نفسي لبُعد أحِبتي

ألأنني أحببت ، لم أك غادراً
أجد المحبة برْكة من شقوة؟

أهوي إليها ، ثم أشرب نارها
في القلب تكوي ، ثم تحرق عزتي

ما لي جزعتُ فضاق قلبي والنهِيَ
يا ليت شعري ، ثم تاهت فرحتي

ما لي ظلِمتُ فهزني حَيْف الورى
ومضيتُ لا آسي على محبوبتي

ونظرتُ للطفلين نظرة راحل
تعس الرحيل وأين تمضي رحلتي؟

فذكرتُ آلام الفراق بلوعةٍ
وعلمتُ أن الصبر يُزكي عزمتي

حتّام أصبر ، لا وسيلة غيره
إني الضعيف على الأذى ، ما حيلتي؟

كم ذا بكيتُ ، ولم أجدْ غير الأسى
وكم اكتوى قلبي بنار الحسرة

وكم اصطليت بنار وجدي واللظى
ماذا جنيت سوى الشقا في عيشتي؟

ألأنني رُمتُ الحياة عزيزة؟
ألقى العذاب ، وثم تعلو صرختي؟

ألأنني أعطيتُ ، لم أكُ باخلاً
ألقي جزائي الغبنَ يُزكي حُرقتي؟

ألأنني واجهتُ لم أكُ حاذراً
يُردي حياة الحق سم الغفلة؟

ألأنني ناصحت ، لم أكتمْ هوىً
يُقلى الهُدى ، وتموت وأداً هِمتي؟

أم أن قول الحق عارٌ يا ترى
عند المحب ، وعند كل الأسرة؟

قد كنت أنشد في محبتك التقى
وصفاء قلب مُستجيب مُخبت

ونقاء روح تمنح النفس الهُدى
وسعادة تأوي إليها مُهجتي

وهدوء بيت شامخ بين الورى
وطليعة للملتقى لم تصمت

وصلاة ليل مشرق ، عبر الدجى
وقراءة القرآن ، ثم السنة

ودراسة الإسلام عبر حياتنا
وتعلم التوحيد باب الجنة

وترفعاً عن كل عيب يُزدري
وتمسكاً بالحق ، رغم القلة

فجعلتِ ذلك كله حُلماً ، ولم
تأسَيْ على ما فات منكِ وتقنتي

وجعلتِ نفسكِ في الورى ألعوبة
ولعبتِ - بين الخلق - أسوأ لعبة

وجعلتِ زوجكِ بينهم كبش الفدا
ءِ - فليتني أبصرتُ طعم السكرة

وقتلتِ بالهَذيان نفسكِ في الدنا
وقتلتِ زوجكِ بالخداع الملفت

وقتلتِ أهلك ، لم تكوني فخرهم
كنت الظهير من الخصوم حليلتي

بل كنتِ عون عدونا ، وسلاحه
ونسيتِ كل عهودنا ، يا فتنتي

ورفعتِ كفكِ للحليل ، نهرته
وهجرت بيتك ، يا لأسوأ هجرة

وشكوتِ زوجك للعميل ، وحزبه
ورفعتِ صوتك في الدنا ، لم تصمتي

عذراً ، إذا صارحتُ ، تلك طبيعتي
روحي فدا ديني ، وتلك جبلتي

إني رأيتك تبصقين على العهو
دِ ، كأنما ما قلتها في حضرتي

أسفي على ساعات أول حبنا
عارٌ عليّ النوحُ ، لكنْ محنتي

هي محنتي وحدي ، وإني صامدٌ
والله حسبي في العِدا ومصيبتي

أنا في الشقا وحدي ولست بيائس
من أن نصر الله مؤنس وحشتي

لا تنفري مني ، فإني صادق
وكذا فؤادي الحي ، ليس بميّت

أنا قد رأيتك لم تراعي حرمة
وعلى جراح بليتي لم تربتي

بل كنتِ فوق الجرح ناراً تكتوي
روحي بها أبداً ، وتلفح نظرتي

خمّشت كل قصائدي ، وفرائدي
وبلا هوادة آخذٍ ، أو رحمة

المرأة الفضلى تعين على الهُدى
وإذا رأت من هنةٍ لم تسكت

ليست تصاحب غير فضلى مثلها
وتعيش للإسلام كل دقيقة

هي لا تضيّع عمرها في الموبقا
تِ وفي الهوى ، وكذاك لا ، في نزوة

هي ترقب الفجر الوليد لدينها
وتعد أقوى ثلةٍ وشبيبة

هي مصنعُ الأفذاذ ، تبني دولة
وتعد للميدان أشجع زمرة

فالطفل في يدها تراه وديعة
ماذا فعلتِ حليلتي بوديعتي؟

وترى التبعل للحليل رسالة
وترى لباس الحق أجمل حُلة

يا فتنتي عودي إليّ ، وأجملي
قاربت أختم بالوداد قصيدتي

يا ربة الحب الكبير ، تذكري
عهد الإله ، وقد جهرتُ بحجتي

عودي ، أمامك فرصة ذهبية
والعمر ولى ، بادري بالعودة

إني لعَودِكِ شائقٌ مترقب
أدعو المليك ، بدمعتي وبلفظتي

لولا أحبك في الإله لمَا بكي
تكِ في الدجى ، ولمَا أبحتُ بلوعتي

ولكان بيت أبيك مأواكِ الذي
تأوي اليه ، ولستِ لي بالزوجة

للهم فاشهد أنني أشكو إلي
ك ، وقد بذلت قريحتي ونصيحتي

© 2024 - موقع الشعر