العتاب الرقيق - محمد سراج محمد

سكنَ العيونَ الفاتناتِ عتابُ
ونسينَ أنّ قلوبَنا أحبابُ

أيامُنا مرتْ بكلِّ تثاقلٍ
ما عادَ فيها العطرُ والأطيابُ

كانا إذا عدنا نضمُّ رؤوسَنا
شوقاً، كضمَّ الطل للأعشابُ

ما عادَ تدهشُنا بريقُ عيونِنا
حتى ولا الأجفانُ لا الأهدابُ

صارَ المكانُ منفراًومغذذاً،
وظلامُه كالغابِ فيها ذئابُ

وكآبة الليلِِ الطويلِ كأنها
صحراءُ فيها وَحشة وخراب

فتضيعُ فيها قلوبُنا وعقولُنا
والعشقُ والأحلامُ والترحاب

حتى إذا اهتزتْ فروع فروعنا
لم تسقط الازهار أو عنابُ

واليومَ بعدَ عتابِنا وغيابنا
ما عادَ يُسكر كؤوسٍناو شرابُ

الآن نرجعُ بعد طولِ عنادِنا
وقلوبُنا قد مسَّهنَّ عذابُ

رحلتْ عواصفُنا، وبانتْ قمرنا
وتعطرتْ بضيائِها اثوابُ

فخصامُنا كانت له أسبابُه
والآنَ ليست بمعرفُ الأسبابُ

ماذا أقولُ؟ ألم أكن متحمساً؟
قلبي يلحُّ، وما لديَّ جوابُ

ما عدتُ أذكرُ غيرَ أني عاشق
حتى الهُيامِ، ووجهُكِ المحرابُ

بالرغم من هذا الخصامِ ونارِه
لم أنسَ أنكِ مهجتى ورضابُ

فإذا بسمت، أشمُّ رائحة الندى
وعند الدلال تراقص اللبلابُ

والشَعرُ يعزفُ لحنه فوقَ السَّنا
فكأنه فوق السحابِ سحابُ

ويداكِ زنبقتان في بستانها
والثغرُ ثغر فوقه الأعنابُ

والعشقُ حيٌّ رائعٌ متألقٌ
كالماءِ في أنهارنا ينسابُ

هيا إذا، لنعد إلى أيامنا
وليرتسمْ في وجنتيكِ شهابُ

الحبُّ سوفَ يحيطُنا بحنانِه
ما عادَ يفهمُ أننا أغرابُ

© 2024 - موقع الشعر