هكذا فلتكن المسلمة! (كوثر السعودية) - أحمد علي سليمان

يا شِعرُ حيّ بكل فخر كوثرا
وسُق المديحَ مُنقحاً ومُقنطرا

واخترْ - مِن الكلمات - أعذبها صدىً
وانثر - على ألحانهن - الجوهرا

واعزفْ - من الأنغام – ما تهفو له
أذنٌ بحورُك ناولتها المِزهرا

واصبغ قوافيَك الجميلة بالسنا
لتكونَ بدراً - في الحوالك - نيرا

فلقد عزمتُ على تحية غادةٍ
درجتْ على التقوى ، وشبّتْ مُعْصِرا

حفظتْ كتابَ الله سِر نبوغها
وبه غدتْ - بين الخلائق - في الذرى

والسنة الغراء كانت سَمتها
وغدا الفؤادُ بها أعفّ وأطهر

وتسلحتْ بالشرع يمنحُها المَضا
ويُزيلُ دَيجورَ الحضارة والفِرى

وتزودتْ حُباً بخير عقيدةٍ
حتى توفق في الحياة ، وتُنصرا

والأمرُ بالمعروف كان رفيقها
في رحلةٍ قد تفتن المُتبصّرا

وتمسّكتْ بالحق دون ترهّل
يوماً ، وحاربت الهوى والمُنكرا

وتشبّهتْ بالفاضلات تقرّباً
لله ، هدياً في الحياة ومَظهرا

لم تألُ جُهداً في تعلم دينها
فهو الذي يهدي السبيلَ الخيّرا

دَرسته أوفى ما تكونُ دراسة
ورأته أحرى أن يسودَ وأجدرا

لم تُغرها مُتعُ الحياة تسوقها
في كل حين - للضيوف - سويسرا

لم يُثنها هذا البلا عن عزمها
ومُضيها ، كيلا تعودَ القهقرى

لم تُنسها هذي الحضارة دينها
أبداً ، كما فعلتْ بآلاف الورى

هيَ لم تغيّرْ إسمَها أو رسمَها
هي لم تبدّلْ جوهراً أو منظرا

هي بنتُ (مكة) ، والجزيرة دارُها
هي (كوثرٌ) ، ولسوف تبقى كوثرا

رحلتْ لتدرس ، لا لتخلعَ دينها
والمَحرمُ السُني أمسى حَيدرا

ويُعينُ زوجته على ما قلدتْ
كيلا يضيع الدينُ في إنجلترا

ويصونها مِن كل عِلج كافر
ويبيتُ يحرسُ إن تغشّاها الكَرى

حتى تُفرّغ - للدراسة - نفسَها
وتصيبَ عِلماً مُستبيناً مُثمرا

ومضت بها الأيامُ بين قراءةٍ
وكتابةٍ ترجو النجاحَ المُزهِرا

حتى إذا بلغتْ نهاية بحثِها
وتقدّمتْ - للباحثين - بما ترى

أثنوْا عليها شاكرين جُهودها
والمُشرفُ الفنيّ أعلن مُكْبرا

مِن أنها نجحتْ بكل تفوق
وأذاعَ في التلفاز عنها ما جرى

وتناولوا - في الاحتفال - كِفاحها
وجهادها المتواصلَ المتبحّرا

وتناولوا أخلاقها وخِلالها
والكل أسرفَ في المديح ، وأكثرا

حتى إذا مَدّوا الأياديَ أحجمتْ
عن أنْ تصافحَ عالِماً أو قيصرا

هيَ لا تصافحُ أجنبياً مُطلقاً
هيَ لا تتابعُ مَن ترخص ، وافترى

حتى وإن خسرتْ جوائز حَفلهم
هيَ لا تراها - بالشريعة - تُشترى

ولذلك احترمَ الجميعُ إباءها
وسلوكَها المُتدينَ المُتحضرا

دينُ المليك حضارة روحية
وعِمارة تبني الحواضرَ والقرى

وهداية تهدي لكل سعادةٍ
لا يُستهانُ بها ، وليست تُزدرى

يا كوثر البلد الحرام تحية
أسمى مِن الشعر الفصيح ، وأكبرا

مِن شاعر أثنى عليكِ مُفاخراً
مُذ ساق مِدحته ، وشمّر ، وانبرى

حتى يقدّم - بالقريض - شعوره
ولكي يكون - إلى المودّة - مَعْبرا

حياكِ ربك ، تلك أصفى دعوةٍ
أضحى الثناء - بما دعوتُ - مُحبّرا

أنا لستُ مدّاحاً أكيلُ مدائحي
كيلا تعم الوجهَ حباتُ الثرى

هذي أوامرُ ديننا ونبينا
وعلى المهيمن لا أزكي كوثرا

لمّا رأيتُ ثباتها في موقفٍ
متأزمٍ ، دمعُ القريض تحدّرا

إذ إنها لم تكترثْ بعزيفِهم
إذ مثلُ هذي لن يُزلزلها الهُرا

فلقد يقالُ: لأنتِ إرهابية
تأبى لِحَوّا - في الحياة - تحرّرا

ولقد تصيرُ - بدارهم - أضحوكة
كي يَضحك المستهزئون تندّرا

ولقد تحطمُها الإشاعات التي
أفضى بها نذلٌ فغشّ ، وزورا

لكنها ثبتتْ بكل صلابةٍ
والأمرُ توفيقُ المليكِ بلا مِرا

وبدينها شمختْ بدون تحرّج
إذ إنها خيرٌ صوىً وتبصّرا

مِن أجل ذلك كله أكْبرتُها
وسطرتُ شِعراً - بالإخاء - مُوقرا

إني لأحسبها ، وربي حسْبُها
وأنا أؤمل - عنده - أن أؤجرا

وعليه تكلاني ، وفيه قصائدي
سبحانك اللهم يا رب الورى

© 2024 - موقع الشعر