من الهاوية إلى بر الأمان - أحمد علي سليمان

عبثتُ حتى طواني الهزلُ والنزقُ
ثم انحدرتُ إلى وَحْل الذين شقوا

وانسقتُ طوعاً إلى ما كنتُ أحذره
وغرّني في الذي أهوى الألى فسقوا

وسِرتُ في درب مَن خانوا شريعتهم
وبالرشاد وبالأخلاق كم شرقوا

وبعتُ ديني بدنيا الغير مُجترئاً
وكان لي في سراب التيه منطلق

وعِبت مَن جاء يَهديني ، ويَنصحني
إذ ليس – لي - قط مِعيارٌ ولا خلق

وطوّقتني - مِن التقاة - مَوعظة
فضِقتُ ذرعاً بهم ، وضاق بيْ الأفق

إذ للمُخدّر والإدمان سيطرة
على الذي بهما في الناس يحترق

وشِلة الفسق قادوني لهاويةٍ
وبات لي في مهاوي الوزر مستبق

وناولوني مِن (البنجو) ثمالته
حتى انتشيتُ ، وأغرى همّتي النزق

وزيّنوا باطلاً كم عشت أمقته
وأمقتُ القومَ - في أوحاله - غرقوا

وزخرفوا السوء حتى خِلته حَسناً
ولم أعدْ عنهمُ - في الوصف - أفترق

وأقنعوني بأن السُكْر مَكرُمة
حتى غدوتُ - بما قالوا به - أثق

وصرتُ رهن بلاويهم ومِحنتهم
إذ هم - على ضربةٍ تودي بيَ - اتفقوا

أطيعُ لا رأي لي ، ولا أجادلهم
وأنطقُ اللفظ ، هم دوماً به نطقوا

كالببغاء يعيدُ القولَ يسمعُه
بأحرفٍ نشزتْ ، إذ ليس تتفق

حتى ابتليتُ بسهم الموت يتبعني
وها همُ الصحب - في سيارةٍ - نفقوا

وقال لي: أنت في بُحبوحةٍ كتبتْ
فتبْ إلى الله ، دعْ درب الألى مَرقوا

أملاك ربك ، والأيامُ جارية
وللبلاء جميعُ الناس قد خلقوا

أبصرْ طريق الهُدى ، واسلكه مُحتسباً
حتى يزولَ الأذى والضنكُ والقلق

واندمْ على جُرُم سَقتك حُرقتها
والصحب ها هم على درب الهوى مِزق

برّ الأمان ينادي مَن يتوقُ له
وأهله كل مَن تابوا ومَن صدقوا

شتان بين الألى عاشوا لمِلتهم
وبين قوم - مِن الإسلام - قد أبقوا

لا يستوي العبدُ تقوى الله منهجُه
والعبد - نحو سبيل الغي - ينطلق

دربان ما التقيا ، شتان بينهما
مهما تمازجتِ الشاراتُ والفِرق

درب التقاة ، وفي الجنات مَوعدُهم
ودربُ قوم - بنار الباطل - احترقوا

هل تستوي أمَة شَوْها وفاتنة؟
لا يستوي الشيحُ عند الشم والحَبَق

© 2024 - موقع الشعر