ملاح في بحر الظلمات - أحمد علي سليمان

أَيهَا المَلاَّحُ زِدْ فِي الاغْتِرَابْ
إِنَّ فُلْكَ الخَيرِ تَجْتَازُ السَّرَابْ

حَوْلَكَ الهَلْكَى فَلا تَعْبَأ بِهِم
إِنَّمَا الهَلْكَى عَذَابٌ فِي عَذَابْ

ثُمَّ إِنَّ الفُلْكَ لَنْ تَسْعَى بِهِم
جَوْقَةُ الصَّرْعَى وَأَتْبَاعُ الذُّبَابْ

كَيفَ تَرْجُو مِنْ نَدَامى يقْظَةً؟
فَارْحَمِ الأَمْوَاجَ مِنْ ذُلِّ المُصَابْ

إِنَّ ماء البَحْرِ حَرْبٌ فَانْتَبِهْ
وَجُنُوْدُ البَحْرِ تَسْعَى لا تَهَابْ

وَرِياحُ البَحْرِ هَبَّتْ بِالأَذَى
واللظَى يا صَاحِبِي غَطَّى الرِّحَابْ

وَطُيوْرُ البَحْرِ خَانَتْ جَوَّهَا
لا تُعَاتِبْهَا فَمَا أَقْسَى العِتَابْ!

وَرِفَاقُ الدَّرْبِ - فِي البَحْرِ - مَضَوا
وَعَلَي الشَّاطِئِ قَدْ غَنَّى الخَرَابْ

وَنَسِيمُ البَحْرِ وَلَّى وَالصَّدَى
ورِياءُ الصَّحْبِ قَدْ فَاقَ السَّحَابْ

وَتُرَابُ البَحْرِ أَضْنَاهُ النَّوَى
وَنِفَاقُ الآلِ مِنْ فَوْقِ الصِّعَابْ

وَشِرَاعُ الفُلْكِ غَشَّاهُ الكَرَى
خُذْ بِنَصْلِ السَّيفِ وَاضْرِبْ بِالحِرَابْ

لا تَسَلْنِي عَنْ تَغَارِيدِ الهَوَى
لا تَسَلْنِي عَنْ تَرَانِيمِ الشَّبَابْ

لا تَسَلْنِي كَيفَ ضَاعَتْ رِفْقَتِي
قَدْ تَزِيدُ الخَطْبَ أَخْبَارُ الصِّحَابْ

لا تَسَلْنِي عَنْ حَبِيبٍ ضَائعٍ
صَاحِ ، قَدْ ضَاعَتْ أَمَانِيكَ العِذَابْ

إِنْ تَكُنْ فِي الله قَدْ أَحْبَبْتَهُ
لا يُضَيْع الله حُبًّا يُسْتَطَابْ

إِنَّمَا في الوَهْمِ قَدْ أَحْبَبْتَهُ
وَكَذَاكَ الوَهْمُ يَمْحُوهُ الرَّبَابْ

قَدْ سَأَلْتَ النَّاسَ سُؤْلاً يزْدَرَى
فِيمَ سُؤْلٌ مَا لَهُ عِنْدِي جَوَابْ؟

فَاجْعَلِ الإِسْلامَ صَحْبًا تَنْتَصِرْ
وَاجْعَلِ السُّنَّةَ دِينًا وَالكِتَابْ

لا تُسَوَّف تَوْبَةً قَدْ وَجَبَتْ
وَعَسَاكَ - اليوْمَ - تَحْظَى بِالثَّوابْ

اُكْتُمِ الإِيمَانَ تُصْبِح بَطَلًا
صَاحِ هَذَا – اليوْمَ مِنْ فَصْلِ الخِطَابْ

وَامْضِ فِي البَحْرِ وَحِيدًا لا تَخَفْ
حَيثُ إِنَّ المَوْجَ رَوَّتْهُ الشِّعَابْ

سَوْفَ يصْفُو الجَوُّ يوْمًا والحِمَى
مِنْ جَمِيعِ الدُّوْدِ مِنْ كُلِّ الذِّئَابْ

وَيمُوت الغَدْرُ مَجْنُوْزَ الخُطَا
ثُمَّ لا يعْلُو عَلَى القَوْمِ الغُرَابْ

وَسِتَارُ الظُلْمِ يوْمًا ينْطَوِي
ثُمَّ لا تَعْوِي - عَلَى الدَّرْبِ - الكِلابْ

وَحَدِيدُ السِّجْنِ يُرْدِيهِ الضِّيا
وَيعُوْدُ العَدْلُ مِنْ بَعْدِ الغِيابْ

ثُمَّ يعْلُو الخَيرُ قَوْمًا زُلْزِلُوا
وَيسُوْدُ الهَدْي نَهْجًا والصَّوَابْ

أَيهَا المَلاَّحُ إَنْ عَمَّ الرَّخَا
فَاكْسِرِ القَيدَ ، وَعَجِّلْ بِالإِيابْ

© 2024 - موقع الشعر