محطات السفر - أحمد علي سليمان

تخوفتُ يوماً رُقادَ السحرْ
وطال - على الليل - نورُ القمرْ

وساءلتُ نفسي عن الملتقى
بأحبابنا في السراب العَكِر

سرابٌ طوى كل ما حولنا
وخلفنا في ضباب الكَدر

وأول عمر الفتى صرخة
وآخره سَكرة في الكِبر

تراه لكل الورى يشتكي
ويبكي على حاله المُعتكر

يُعاني جحيم الحياة الذي
يُكبله ، منذ كان الصغر

ويصعد سُلم أيامه
ويحذر مُنزلقات الخطر

فحيناً تراه على ربوة
وحيناً تراه على منحدر

يطرّز أحلامه بالمُنى
ويقضي - سريعاً - بقايا الوَطر

ويُمعن في أمنيات الهوى
ويُعمِل - في الخافقين - النظر

يداري لأجل البقاء الوفا
وحيناً تراه كمثل المَطر

ويمضي الشباب على رِسْله
حزيناً ، أسيفاً ، وتمضي العِبر

يَشيخ - كمثل النبات - الفتى
يُودّع أيام باقي العمُر

إذا بالنهاية قبر الصبا
وفردا ًسيُودَع جوف الحُفر

محطة هذي الحياة الفنا
وبعدُ قيامٌ لرب البشر

إذا كان ذلك فيم العنا؟
هناك الجنانُ ، كذاك السعُر

فلا تخدعنْك حياةُ الورى
ولا يخدعنْك الهشيمُ الأشِر

مماتٌ كنوم ، وعمرٌ مضى
ويذبل - بعد اليُنوع - الزهَر

تموت البرايا ، ويحيا الذي
له الملك ، رب القوى والقدر

فباغت زوايا الحياة التي
مضت ، والتمس - في اليباب - الأثر

فإنك في سفر دائم
وأخشى عليك القضا والقدر

© 2024 - موقع الشعر