دَمعٌ مَزائِدُ قَطرِهِ لا تَجمَدُ - صفي الدين الحلي

دَمعٌ مَزائِدُ قَطرِهِ لا تَجمَدُ
أَنّى وَنارُ صَبابَتي لا تَخمَدُ

دامَ البُعادُ فَلا أَزالُ مُكابِداً
دَمعاً يَذوبُ وَزَفرَةً تَتَوَقَّدُ

داءٌ تَأَبَّدَ في الفُؤادِ مُخَيِّمٌ
أَعيا الأُساةَ وَمَلَّ عَنهُ القُوَّدُ

دَعني أَموتُ بِعَدِّ سُكّانِ الحِمى
بِصَبابَتي كَم جُهدَ ما أَتَجَلَّدُ

دارَ الأَحِبَّةِ جادَ مَغناكِ الحَيا
وَتُرابُ رَبعِكِ لِلنَواظِرِ إِثمِدُ

دونَ اِزدِيارِكِ خَوضُ أَغمارِ الرَدى
وَالسُمرُ تُشرَعُ وَالصِفاحُ تُجَرَّدُ

دِمَنٌ لَنا في الجامِعَينِ تَنَكَّرَت
مِن بَعدِها أَعلامُها وَالمَعهَدُ

دَرَسَ الزَمانُ جَديدَها بِيَدِ البِلى
فَالقَلبُ يَبلى وَالهَوى يَتَجَدَّدُ

دارَت عَلى سُكّانِها كَأسُ الرَدى
سَكِروا بِها فَغَدا الزَمانُ يُعَربِدُ

دَعَتِ النَوى بِفِراقِهِم فَتَفَرَّقوا
وَقَضى الزَمانُ بِبَينِهِم فَتَبَدَّدوا

وَهَمَت مِنَ الدَهرِ الخَؤونِ عَلَيهِمُ
نُوَبٌ عَلى أَيدي الزَمانِ لَها يَدُ

دَهرٌ ذَميمُ الحالَتَينِ فَما بِهِ
شيءٌ سِوى جودِ اِبنِ أُرتُقَ يُحمَدُ

دامَ الخَلائِقُ يَمتَطونَ بِهِ العُلى
وَيَبيتُ مِنهُ الدَهرُ وَهوَ مُسَهَّدُ

دِرعٌ بِهِ المَلِكُ العَزيزُ مُدَرَّعٌ
سَيفٌ بِهِ الدينُ الحَنيفُ مُقَلَّدُ

داني النَوالِ فَلا يُنالُ مُقامُهُ
قاضي المَنالِ وَرِفدُهُ لا يَبعُدُ

دِيَمُ الدِماءِ تَسُحُّ مِن أَسيافِهِ
طَوراً وَيُمطِرُ مِن يَدَيهِ العَسجَدُ

دَفَعَ الخُطوبَ عَنِ الأَنامِ بِعَدلِهِ
وَرعى العِبادَ بِمُقلَةٍ لا تَرقُدُ

دَع مَن سِواهُ وَلُذ بِكَعبَةِ جودِهِ
فَجَنابُهُ لِذَوي المَطالِبِ مَقصَدُ

دُم في سَماءِ المُلكِ يا نَجمَ العُلى
إِنَّ العِبادَ لِجودِ كَفِّكَ أَعبُدُ

دَبَّرتَ أَمرَ المُسلِمينَ فَطَوِّقوا
بِنَداكَ أَطواقَ الحَمامِ فَغَرَّدوا

داوَيتَ أَضعافَ الصُدورِ بِصارِمٍ
ماءُ المَنونِ بِمَتنِهِ يَتَجَعَّدُ

دَبَّت نِمالُ المَوتِ في شَفَرائِهِ
وَجَرى الحِمامُ بِحَدِّهِ يَتَرَدَّدُ

داعٍ إِذا ما قامَ يَوماً خَاطِباً
فَالهامُ تَركَعُ وَالجَماجِمُ تَسجُدُ

دامي الَمَضارِبِ لَو عَكَستَ شُعاعَهُ
فَوقَ الجِبالِ لَذابَ مِنهُ الجَلمَدُ

دانَت لَهُ الدُنيا فَمَنظَرُ وَجهِها
طَلقٌ وَخَدُّ الدَهرِ مِنهُ مُوَرَّدُ

دُكَّت بِكَ الأَرضونَ حينَ حَلَلتَها
فَعَليكَ تَغبِطُها السَماءُ وَتَحمِدُ

دَنَتِ المَطِيُّ بِنا إِلَيكَ بِحِدَّةٍ
فَلَها عَلَينا مِنَّةٌ لا تُجحَدُ

دانَيتُ رَبعَكَ وَالأَعادي شُمَّتٌ
فَرَجَعتُ عَنهُ وَالوَرى لي حُسَّدُ

دُس هامَةَ العَلياءِ وَاِبقَ مُمَلَّكاً
أَبَداً يَحِلُّ بِكَ الزَمانُ وَيَعقُدُ

© 2024 - موقع الشعر