عندما يستنوقُ البعير - أحمد علي سليمان

وقانا اللهُ شرّ المُجرماتِ
وجنبنا فُسُوقَ الناشزاتِ

وأبعدَ - عن حلائلنا - التردّي
هنالك في حضيض المُنكرات

وأمتعنا بطاعته إلى أنْ
نفارقَ عنوة فلك الحياة

وبَصّرَنا بدين الحق دوماً
وجَمّلنا بفعل الطيبات

وألزمَنا صراطاً مستقيماً
وأرشدَنا لنيْل المَكرُمات

وأصلحَنا ، فمَن يُصلِحْ فناج
ومَن يُضللْ تنكرَ للعِظات

فجُل الناس في الإعراض غاصوا
وأفسد عيشهم ظلم الطُّغاة

وسادتْ شِرعة الغابات قسراً
وعانى الناسُ مِن بطش العُتاة

وطال الجورُ أفئدة الولايا
وفي (الأخبار) أعتى البيّنات

وأفسدتِ النساءَ رحى التدني
وأزتهن عدوى الانفلات

وأردتهن مهزلة التجني
وقلدْن النساءَ الفاجرات

وبتْن - على البعولة - كالضواري
فأجّجْن الشقا والمُشكلات

وضيّعن البنينَ بسبق عمدٍ
وأفسدْن الذراريَ والبنات

ودمّرن العوائلَ في ديار
تفاخِرُ غيرَها بالوالدات

وهتكن الوشائجَ بين قومٍ
يُذبّح أهلُها كالأضحيات

وجُندلتِ البيوتُ ، فلم تخرّجْ
شباباً يَحتفي بالتضحيات

وأسألُ أين حق الزوج ولى؟
وتؤلمُني سِهامُ توجّعاتي

وتُبكيني الحكايا والشكاوي
فقد فاقتْ بعيدَ توقعاتي

وتجرحُني رواياتُ الخزايا
فأغرقُ في خِضمّ تأمّلاتي

ولا ألقى لأسئلتي جواباً
فأوغلُ في عميق تحسّراتي

فأرجو ، ثم أدعو باجتهادٍ
وأمعنُ في رطيب الأمنيات

ومَن يتتبع الأخبارَ يُصدَمْ
بما تأتي النسا مِن مُوبقات

فواحدة بيُمناها تعدّتْ
وخصّتْ زوجها بالمُوجعات

وثانيةٌ عصاها لم تخنها
كمثل السهم في أيدي الرماة

وثالثةٌ يشاركُها فريقٌ
من الأرحام ، تعساً للجُناة

ورابعةٌ تؤجّر مَن يُؤدي
عِقابَ الزوج كيلاً بالأذاة

وخامسةٌ عصابتها تحدّتْ
حليلاً لم يوفقْ للنجاة

وسادسةٌ لها نارٌ تلظى
وتحرقُ مَن تصارعُ بافتئات

وسابعةٌ لها سِكينُ غدر
وإن الغدر مِن أخزى الصفات

وثامنةٌ لها سوطٌ وسيفٌ
ومِطرقةٌ ، ويا كم مِن أداة

وتاسعةٌ لديها السمّ أمضى
لتسقيَ زوجها كأس الوفاة

وعاشرةٌ تروّجُ للأحاجي
وتقتلُ زوجَها بالشائعات

وأخرى تهتكُ السترَ انتقاماً
وتسخرُ مِن جميع الحافظات

وأخرى زوجُها المسكينُ صَيدٌ
يُراوَدُ بالشباكِ المُلقيات

وأخرى زوجُها عبدٌ لديها
وغل الرق بين الناس عات

وأخرى في التلوّن كالعظايا
تعاملُ زوجَها مثلَ الحُواة

وأخرى لفظها عسلٌ مُصَفى
وتتقنُ - ويحها - شتى اللغات

وأخرى في التجمّل لا تبارى
وتسْبي أعينَ العِيرِ الغُواة

ولكنْ زوجُها يشكو لظاها
وتنحدرُ الدموعُ على الشكاة

فهذي الغادة الحسناءُ نارٌ
تسوقُ حَليلها نحو الممات

تعاندُه ، وتوسِعُه احتقاراً
وتضربُه ، فيُهرعُ للسُكات

لأن النطقَ يُوردُه المنايا
ويُسْكِنه أتونَ الحادثات

وأخرى تستبدّ بكل شيء
وتنسجُ – للحليل - المُعضلات

وتثقله بدين بعد دين
لتُشمِت فيه شِرذمة الشمات

وكيلا ينكحَ المَديونُ أخرى
لأن زواجَه فرْحُ العِداة

فينهارُ المَدينُ لمَا يُعاني
لأن الدَيْنَ ينخرُ في الثبات

فيؤثرُ أن يعيش على الأماني
ويُبحِرُ في بحار الذكريات

ويفترضُ السفيهُ زوالَ بُؤس
فيُحرقه جحيمُ الحادثات

وأخرى العشقُ كم أدمى صِباها
فأن العشقَ يكوي العاشقات

فتعشقُ مَن تريد بلا حياءٍ
ويلفحُها دخانُ السيئات

وتُلقي بالوعود لكل صَب
ويُغريها بريقُ الأمسيات

وتخترعُ القرائنَ ، لا تبالي
ولا تحتاط في حَبكِ النكات

وتخدعُ زوجها دوماً ، وتسعى
بكل العمد في درب العُصاة

وإن يحتجّ فالحربُ العواني
وقد تُغري به بعضَ البُغاة

فتوشي عنه عند عدو كلٍ
وعند الله عاقبةُ الوشاة

وقد تنهالُ ضرباً دون تقوى
فما أقسى قلوبَ القاسيات

ألسْن يخفن من رب البرايا؟
أليس لهن دمعٌ في الصلاة؟

ولستُ ألومُ من كفرتْ وضلتْ
ولكني ألومُ المُسلمات

أبعدَ الكفر ذنبٌ؟ قلتُ: كلا
وتوبيخي يَخصّ المؤمنات

أريدُ لهن كل الخير حتى
يسرن على دروب الأوليات

فللأزواج حبٌ واحترامٌ
كما خُصوا ببذل الواجبات

فرائضُ فُصّلتْ في الشرع قطعاً
وبيّنها مليكُ الكائنات

فهل تطبيقُ ذلك مستحيلٌ؟
وهل يحتاجُ بعضَ المعجزات؟

يمينَ الله ميسورٌ ، ولكنْ
يُرادُ مِن النساء المُخلصات

فتكليفُ المهيمن مستطاعٌ
وكم سُقتُ الدلائل واضحات

ودِينُ الله مصدرُ كل خير
وحِصنُ المرء في دنيا الشتات

وحبُ الزوج قيّمها وفاءٌ
تفيض به قلوبُ الصالحات

وجزءٌ من عبادته تعالى
تجودُ به نفوسُ العابدات

وليس - كطاعة الأزواج - ذخرٌ
يسوقُ - إلى الجنان - المُحسنات

بمعروفٍ يكون الأمرُ طبعاً
كما هو ديدنُ القوم التقاة

وتحنو زوجةٌ ، وتلينُ أخرى
لأن اللينَ خيرُ الأعطيات

وترفقُ زوجةٌ ، وتحِنّ أخرى
لأن الرفقَ سَمْتُ الفُضليات

وتحلمُ زوجةٌ ، وترقّ أخرى
لأن الحِلم دأبُ الخيرات

وإن تُضرَبْ فصبرٌ واحتسابٌ
فإن الصبر مفتاحُ الأناة

وإنّ تهوّرَ الإنسان داءٌ
يَعيبُ الصِيدَ ، يُزري بالأباة

ولو كان السجودُ لغير ربي
لكان لزوجها العَف المُواتي

لأن حقوقهم بلغتْ سُمُواً
ترفعُ عن عقول الفاسقات

ومَن تحسنْ معاملة لزوج
تجدْ بر البنين مع البنات

وتحيا في بهي العيش فُضلى
وتُرزقُ لذة المتبتلات

وتشرُفُ - في الورى - سَمْتاً وهدياً
وترفلُ في ثياب الخاشعات

وتُذكَرُ - في الأنام - بكل خير
وتُمسي قدوةً للمُقبلات

نصحتُ ، وأجرُ نصحي عند ربي
فيا رب الورى باركْ وَصاتي

وأيّدْ مَن يتُبن مِن المعاصي
ألا واقبلْ جميعَ التائبات

© 2024 - موقع الشعر