البيضُ دونَ لِحاظِ الأَعيُنِ السودِ - صفي الدين الحلي

البيضُ دونَ لِحاظِ الأَعيُنِ السودِ
وَالسُمرُ دونَ قُدودِ الخُرَّدِ الغيدِ

وَالمَوتُ أَحلى لِصَبٍّ في مَفاصِلِهِ
تَجري الصَبابَةُ جَريَ الماءِ في العودِ

مَن لي بِعَينٍ غَدَت بِالغُنجِ ناعِسَةً
أَجفانُها وَكَّلَت جَفني بِتَسهيدِ

وَحاجِبٍ فَوقَهُ تَشديدُ طُرَّتِهِ
كَأَنَّما النونُ مِنهُ نونُ تَوكيدِ

وَماءِ وَجهٍ غَدا بِالنورِ مُتَّقِد
كَأَنَّ في كُلِّ خَدٍّ نارَ أُخدودِ

وَنَقطِ خالٍ إِذا شاهَدتَ مَوقِعَهُ
خِلتَ الخَليلَ ثَوى في نارِ نَمرودِ

يا أَهلَ جَيرونَ جُرتُم بَعدَ مَعدَلَةٍ
ظُلماً وَعَوَّدتُموني غَيرَ مَعهودي

بَذَلتُ روحِيَ إِلّا أَنَّها ثَمَنٌ
لِلوَصلِ مِنكُم وَلَكِن حَسبُ مَجهودي

أَنا المُحِبُّ الَّذي أَهلُ الهَوى نَقَلوا
عَنّي فَأَعطَيتُهُم بِالعِشقِ تَقليدي

مِن أَينَ لِلعِشقِ مِثلِيَ في تَشَرُّعِهِ
وَمَن يُشَيِّدُ دينَ الحُبِّ تَشييدي

لِلَّهِ لَيلَةُ أُنسٍ قُلتُ إِذ ذُكِرَت
يا لَيلَةَ الوَصلِ مِن ذاتِ اللَمى عودي

وَالشَرقُ قَد حَمَلَت أَحشائُهُ لَهَباً
لِلشَمسِ فيها حَنينٌ غَيرُ مَولودِ

وَثَعلَبُ الصُبحِ وافى فاغِراً فَمَهُ
إِذ قابَلَتهُ الثُرَيّا شِبهَ عُنقودِ

كَأَنَّها شَكلُ اِنكيسٍ تُوَلِّدُهُ
في الغَربِ أَيدي الدَياجِيَ أَيَّ تَوليدِ

أَمسى بِها وَعُيونُ الغُرِّ شاخِصَةٌ
نَحوي وَحِصني مِتونُ الضُمَّرِ القودِ

مَكانَتي فَوقَ إِمكاني وَمَقدِرَتي
مِن دونِ قَدري وَجودي فَوقَ مَوجودي

وَما رَجاني اِمرُؤٌ إِلّا بَذَلتُ لَهُ
جوداً عَنِ الشُكرِ أَو شُكراً عَنِ الجودِ

لا أَوحَشَ اللَهُ مِن قَومٍ مَكارِمُهُم
وَفَضلُ جودِهِمُ كَالطَوقِ في جيدي

ما عِشتُ لا أَتَعاطى غَيرَ حُبِّهِمُ
وَهَل سَمِعتُم بِشِركٍ بَعدَ تَوحيدِ

© 2024 - موقع الشعر