كيف وقد أنقذني الله به؟ (أبت معاقبة الطبيب) - أحمد علي سليمان

لا تنكأوا – بهُرائكم - آلامي
وكفى الذي عايشتُ مِن أوهامِ

أنا كنتُ ألتمسُ السلامة والشِفا
بل كنتُ بين مَعيشةٍ وحِمام

أنا كنتُ أحلمُ بالحياة هنيئة
إذ أصبحتْ حُلماً من الأحلام

أنا كنتُ أبحث عن دروب سعادتي
بين الهواجس والضمير الدامي

أنا كنتُ أجترّ البلاء مقنطراً
فيزيدُ من شجني ، ومن إيلامي

أنا أهلُ طبي جَرّعوني حَسرتي
فرضختُ في ضعةٍ ، وفي استسلام

وخضعتُ لليأس المثبّط همّتي
وتجلدي بعبارة استذمام

أنا قد يئستُ من الشفاء ، كأنه
شبحٌ يهددُ عزمتي ومُرامي

وسئمتُ ممن فيّ باعوا ، واشتروا
كبضاعةٍ ، والبيعُ بيعُ سَوام

حتى أتاني مَن رثا لمُصيبتي
وبكى لمَا - في القلب - من آلام

ومضى يزفّ البُشرياتِ عطيرة
شأنَ الطبيب الحاذق المِقدام

وغدا يسوقُ الأمنياتِ تشوقني
من بعد يأس - في الفؤاد - عُقام

والكل أطرقَ – للكلام - مُردّداً
هذا ورب الناس خيرُ كلام

إنا لنكْبِرُ كلنا تشخيصه
إذ إنه حقاً دقيقٌ سامي

ونكادُ نجزمُ واثقين بأنه
سيقوم بالتطبيب خيرَ قيام

يا قوم هذا الشهم أنقذ غادة
كانت تعدّ دقائقَ الأيام

وأراه أطلعه المليكُ على الذي
عانيتُ من وجع ، ومن أسقام

والله أنقذني بفضل جهوده
سبحان ربي الخالق العلام

وأنا المَدينة للطبيب حقيقة
ولذا فعن خطأ أتاه أحامي

وأذودُ عنه ، ولا أشوّشُ لحظة
أنا بنتُ ناس أوفياءَ كِرام

لا أشتكيه ، وليس ذا مِن شيمتي
لكنْ أذرُّ تحيتي وسلامي

أوَأشتكي مَن حاطني بعطائه
وسَخا وأكرم غاية الإكرام؟

مَن لم يكن - في خدمتي - مُتردداً
وأزال - مِن دنياي - كل ظلام؟

هذه الجراحة صعبة وخطيرة
ولقد يكون الموتُ بعضَ خِتام

وقد استمرّت نصفَ يوم ، ليتني
أقوى على وصفٍ بلا إبهام

وهناك - عند الباب - تجثو أسرتي
يترقبون متى تودّع لامي

كلٌ تغالبُه الدموعُ رخيصة
وقلا الرضا والصبرَ بعضُ فئام

وأمام عالِمِنا - من الدم - بركة
وكأن رأساً جُندلتْ بحُسام

ورفاقه وأكفهم قد خُضبتْ
بدمي بلا سفكٍ ، ولا إجرام

كي يزرعوا قلباً ، ويُنهوا عِلة
هدّت قوايَ على مدى أعوام

فجزاهمُ ربي الخيورَ كثيرة
في ظِل عيش طيب ووئام

وجزا الطبيبَ العَف خيراً ، إنه
يا رب أنعمَ غاية الإنعام

© 2024 - موقع الشعر