أبت عبراته إلا انسكابا - أبي فراس الحمداني

1 – أبت عبراته إلا انسكابا
ونار ضلوعه إلا التهابا

2 – ومن حق الطلول على ألا
أغب من الدموع لها سحابا

3 – وما قصرت في تسال ربع
ولكني سألت فما أجابا

4 – رأيت الشيب لاح فقلت : أهلا
وودعت الغواية والشبابا

5 – وما إن شبت من كبر، ولكن
رأيت من الأحبة ما أشابا

6 – بعثن من الهموم إلى ركبا
وصيرن الصدود لها ركابا

7 – ألم ترنا أعز الناس جارا
وأمتعتهم، وأمرعهم جنابا ؟

8 – لنا الجبل المطل على نزار
خللنا النجد منه والهضابا

9 – تفضلنا الأنام ولا نحاشي
ونوصف بالجميل، ولا نحابى

10 – وقد علمت ربيهة بل نزار
بأنا الرأس والناس الذنابي

11 – فلما أن طغت سفهاء كعب
فتحنا، بيننا، للحرب بابا

12 – منحناها الرغائب غير أنا،
إذا شئنا، منحناها الحرابا

13 – ولما ثار سيف الدين ثرنا،
كما هيجت اسادا غضابا

14 – أسنته، إذا لاقى طعانا
صوارنه، إذا لاقى ضرابا

15 – دعانا – والأسنة مشرعات -
فكنا، عند دعوته، الجوابا

16 – صنائع فاق صنائعها، ففاقت،
وغرس طاب غارسه، فطابا

17 – وكنا كالبهام، إذا أصابت
مراميها فراميها أصابا

18 – قطعن إلى الجباة بنا معانا
ونكبن الصبيرة والقبابا

19 – وجاوزن البدية صاديات،
يلاجظن السراب ولا سرابا

20 – عبرن بماسح والليل طفل
وجئن إلى سلمية حين شابا

21 – فما شعروا بها إلا ثباتا
دوين الشد تصطحب اصطخابا

22 – تناهبن الثناء، بصبر يوم
به الأرواح تنتهب انتهابا

23 – تنادوا ن فانبرت، من كل فج،
سوابق ينتجبن لنا انتجابا

24 – وقاد نجي بن جعفر من عقيل
شعوبا، قد أيلن به الشعابا

25 – فما كانوا لنا إلا أسارى
وما كانت لنا إلا نهابا

26 – كأن ندي بن جعفر قاد منهم
هدايا لم يرغ عنها ثوابا

27 – وشدوا رأيهم يبني قريع
فخابوا – لا أبا لهم – وخابا

28 – ولما اشتدت الهيجاء كنا
أشد كخالبا، وأحد نابا

29 – وأمتع جانبا وأعز جارا ن
وأوفى ذمة، وأقل عابا

30 – سقينا بالرماح ببني قشير
ببطن الغتثر السم المذابا

31 – وسقناهم إلى الجيران سوقا
كما نستاق ابالا صعابا

32 – ونكبنا الفرقلس لم نرده
كأن بنا عن الماء اجتنابا

33 – وملن عن الغوير وسرن حتى
ورجن عيون تذمر الحبابا

34 – وأمطرن الجباة بمرجحن
ولكن، بالطعان المرصابا

35 – وجزن الصحصحان يخدن وخدا
ويجتبن الفلاة بنا اجتيانا

36 – قرين بالسماواة من عقيل
سباع الأرض والطير السغابا

37 – بالصباح الصباح عبد
قتلنا، من لبابهم اللبابا

38 – تلركنا في بيوت بني المهنا
نوادب ينتحبن بها انتحابا

39 – شفت فيها بنو بكر حقودا
وغادرت الضباب بها ضبابا

40 – وأبعدنا لسوء الفعل كعبا
وأدنينا لطاعتها كلابا

41 – وشردنا إلى الجولان طيئا
وجنبنا سماوتها جنابا

42 – سحاب ما أناخ على عقيل
وجر على جوارهم ذنابا

43 – وملنا بالخيول إلى نمير
تجاذبنا أعنتها جذابا

44 – أمام مشيع، سمح بنفس
يعز على العشيرة أن يصابا

45 – وما ضاقت مذاهبه ولكن
يهاب من الحمية، أن يهابا

46 – ويأمرنا فنكفيه الأعادي
همام لو يشاء، كفى ونابا

47 – فلنا أيقنوا أن لا غياث
دعوة للمغوثة فاستجابا

48 – وعاد إلى الجميل لهم، فعاجوا
وقد مدوا لصارمه الرقابا

49 – أمر عليهم خوفا وأمنا
أذاقهم به أريا وصابا

50 – أحلهم الجزيرة، بعد يأس،
أخو حلم، إذا ملك العقابا

51 – ديارهم انتزعناها اقتسارا
وأرضهم اغتصبناها اغتصابا

52 – ولو شئنا حميناها البوادي
كما تحمي أسود الغابا غابا

53 – إذا ما أنفذ الأمراء جيشا
إلى الأعداد أنفذما كتابا

54- أنا ابن الضاربين الهام قدما
إذا كره المحامون الضرابا

55 – ألم تعلم ؟ ومثلك قال حقا :
بأني كنت أثقبها شهابا

© 2024 - موقع الشعر