كلكم مسؤول عن رعيته - أحمد علي سليمان

سِجالٌ الحربُ بين الكرّ والفرِ
فالحربُ كالبحر بين المَد والجَزْرِ

والشرّ لا بد مدحورٌ ومُنهزمٌ
وتُوقدُ الحربُ بين الشر والخير

ونحن أول من يحمي ضراوتها
حتى يكون الذي نرجوه بالجبر

ويأمنُ الناسُ في وادٍ وفي حَضَرٍ
ويَذهب الظلم والسوآى على الفور

ويُصبحُ القومُ أحراراً جحاجحة
عظيمٌ الفرقُ بين العبد والحر

ويُكرَمون ، فلا ذلٌ يُحَقرُهم
ولا يُعانون وخذ الظلم والقهر

ولا يُهانون ، كم يُزري الهوانُ بهم
ولا يفرون من قطر إلى قطر

ولا يُرَدّون عن جُلى ومَكرمةٍ
ولا يَمَسّهمُ شيءٌ مِن الضر

واليوم نسأل: ما ذنبُ الألى خرجوا
إلى الحواضر رهنَ الكرّ والفر

يُكَثرون سوادَ الثائرين ضحىً
ويَرقبون قدومَ العِز والنصر

ويبذلون لنيل الخلد ما ملكوا
من النفوس ابتغاء الفوز بالأجر

ويُرخِصون دماً ما كان أثمنه؟
والجودُ بالدم يُزْكِي صحوة البر

ما ذنبهم في الذي ذاقوه مِن مِحن؟
يا من ظفرتَ بهم أفصحْ عن العُذر

ما عذرُ مِثلك في الآلاف قتلهم
واغتال جحفلهم بالمكر والغدر؟

ما عذرُ مثلِك في الأعراض هتّكها
من بعد أن أصبحتِ الأنسام كالهرر؟

ما عذرُ مثلِك في الراجين رحمته
بَغى عليهم؟ فيا للخِزي والخسر

ما عذرُ مثلِك في الدماء أزهقها
بدون حق جرتْ في الأرض كالنهر؟

ما عذرُ مثلِك في الأطفالَ يَتّمهم
فخمشتْ عيشهم مَخالبُ الفقر؟

ما عذرُ مثلِك في البيوت هدّمها
فوق الأهالي ولم يَستبق من قصر؟

ما عذرُ مثلِك في الحروب أشعلها
ضد الرعية في سِر وفي جهر؟

ما عذرُ مثلِك في السلاح صوّبه
نحو الرعية في رأس وفي صدر؟

ما عذرُ مثلِك في اتهام ثورتهم
فقلت: هم خرجوا على أولى الأمر؟

كرسيّ عرشك أمسى لا اعتداد به
إذ حطمته ضحىً قوارعُ الدهر

وزالت العِزة القعساء حاملة
بطشَ التجبّر والإفساد والكِبر

وحاكمَ الشعبُ فرعوناً وجوقته
في فترةٍ لم تزد حاشا عن الشهر

وعاد ما ابتز من مال ومن عَرَض
والخيرُ فاض بلا عدٍ ولا حصر

وحُوكِمتْ بعده عصابة مَردَتْ
على التطاول والتضليل والفجر

وجاهد الجمعُ في سبيل عِزته
حتى يُغيّر مِن طوْر إلى طور

ورفرفتْ راية الأحرار شامخة
وباء ما شيّد الطاغوتُ بالدحر

وذاق مِن كأس ما سقى رعيته
وبات رهنَ اعتقال الحشد والأسر

كما تدين تدان ، فلا مغالطة
وكل طاغ له رُجعى الى القبر

حتى يُجازى بما جَنت جوارحُه
الخيرُ بالخير ، ثم الشرُ بالشر

© 2024 - موقع الشعر