رسالة إلى منشدٍ منافق - أحمد علي سليمان

أتهذي بآيات الكتاب ، وتلعبُ
وتزعمُ أنْ – للدين والحق – تُنسبُ؟

تُنافق مَن ضلوا بدون مبرر
وفي تيه أهل الكفر يا غِرّ تضرب

وتأكلُ بالإسلام في كل مَحفل
وبالدين تستجدي الطغاة وتلعب

وتهزلُ إذ لم تعرف الجد لحظة
فهل مِن وراء الهزل قصدٌ ومأرب؟

وتُلقي الفتاوى دون أدنى ضوابطٍ
كأنك لم تقرأ ، ولم تكُ تكتب

وتبذلُ للوغد المُذيع حَفاوة
ليبذل أخرى باسماً ، ويُرحّب

يبادلك الإحساس قلباً وقالباً
ووفق مزاج الضيف ذا يتقلب

إذا ضيفه غاو تبدّى مُطبّلاً
وجمهورُه – بالطبل - يهنا ويطرب

وإن ضيفة ملعونة جاءت الحِمى
رأيت المذيع الوبش يُطري ، ويُسهب

وإن زار ضيفٌ مؤمنٌ وموحدٌ
رأيت المذيع النذل في الناس يخطب

وأنت أتيت اليوم ضيفاً مُلمعاً
وقولك برقٌ – في اللقاءات - خلب

تقول الذي يُرضي المذيع تكلفاً
وترتجلُ النص ارتجالاً ، وتكذب

وتجهرُ بالآراء فاحت شناعة
وعنها تُحامي ، ثم - في الغيِّ - تدأب

وتصطنع الفقه المنير تنطعاً
ولست لأخرى - مشفقاً - تتحسب

وتُسأل في الأشياء أنت جهلتها
فلم تعتذر عنها ، فأنت مُغيّب

وتدعو لطاغوتٍ على الكفر ميّتٍ
تهيمُ بما تدعو ، وتلهو ، وتطرب

وتلتمس الأعذار للقوم جاهروا
بكفر ، فهل ما قلت أولى وأصوب؟

تطوّع دين الله للقوم أعرضوا
وتزجر منصاحاً يذود ويعتب

وتقتنص الأشعار من كل شاعر
فهل (موصليٌ) يصطفيها و(زريَب)؟

وتبكي إذا أنشدتَ ، والدمعُ ساجمٌ
وأفئدة السمّار - في الحفل - نُحّب

و(ليس الغريب) اليوم أكبرُ شاهدٍ
على أن مَن يُلقي القصيدة عقرب

وشاعرُها من كل غِش مبرؤٌ
ولستُ على (إبن الحُسين) أعَيّب

ولكن أعِيب الصِلّ يبكي مُخادعاً
فهل بات تمثيلاً نشيدٌ محبب؟

وطينك زادته الحماقات بلة
فما زلت تهذي بالأحاجي ، وتثلب

وتغمز أستاذ الظلال بلا حيا
وليس الذي تأتي عن الله يعزب

فمن أنت حتى تستطيل مناظراً
وبالجهل والتحريف والغدر تغلب؟

وتقرأ آي الذكر دون تدبّر
وأنت - على القراء - يا غِر تُحسب

كأن كتاب الله عندك سلعة
تجادل عنها ، ثم تلغو ، وتُطنب

ألحْناً وترجيعاً غدا ذكرُ ربنا
وآياتِ قرآن عليها تعقب؟

وتنشد إنشاداً تسامت لحونه
كأنك - إذ أنشدت في القوم - مطرب

وتختار أشعاراً تُغرّد وحدها
زهيرٌ بها ناغى ، وقلد قطرب

وأنت على التحقيق تُزري بمن شدا
يُشرّق مَن يشدو ، وأنت تغرب

وبينكما شتان شتان فاستفقْ
وهل يستوي نورٌ تلالا وغيهب؟

فكُف عن القرآن مادمت مجرماً
أو اعملْ به تسمو ، وأخراك تكسب

وكُف عن الإنشاد لم تلتزمْ بما
حوى من نصوح - للطوايا - تُهذب

وكُف عن التبرير زوراً تلوكه
وكُف عن الأمثال للناس تُضرب

وكُف عن الأعذار جهلاً تسوقها
وأحسنْ لأجيال صوابَك ترقب

فإنك محتالٌ ، وسعيك محبط
وغشك مكشوفٌ ، وعارَك تجلب

برئٌ هو القرآن من كل ساقطٍ
وتلعنه الآياتُ إن كان ينصب

وشعر الهُدى عن كل وغدٍ قد استمى
ألا فاحترفْ شعرَ الهوى ، ذاك أعذب

ألا إنني أبلغتُ نصحي ودُربتي
وأنت - عن التطبيق للنصح - مُضرب

وعظتك وعظاً لا سبيل لنفيه
وربي شهيدٌ أن وعظي مؤدب

© 2024 - موقع الشعر